"أسند شرف رأسه إلى صدر الخواجة العريض، فقد حانت لحظة الاعتراف، وأثبتت اللغة الإنجليزية أنها عصية على الحقيقة، فعاد إلى لغة موطنه: العربية لا (المعادية): كيف أنه كان يكذب، وأنه لن يستطيع شراء شيء، وحتى الآن لم يتمكن من دخول الجامعة، ورائحة الياسمين التى ذكرها عندما تحدث عن منزله هى الرائحة الدائمة لـ... الذى يتجمع فى بئر أمام البيت و تأخذه شاحنة مرة فى الأسبوع. ذروة الاعتراف بدت كمقطع من أغنية لأم كلثوم، أى ميلو درامية تماماً: أزهقت من حياتى ونفسى أسيب البلد... يا ريت تاخذنى معك بعيد".
صدرت رواية شرف للكاتب الكبير صنع الله إبراهيم فى عام 1997، وحققت الرواية نجاحا كبيرا، وعن الرواية كتب " محمد واثق حسين":
تحكى الرواية قصة أشرف عبد العزيز سليمان أو "شرف" شاب فى أوائل العشرين من عمره، ولد فى عام 1974 كما تؤكد الرواية، فى أسرة من الطبقة المتوسطة التى شوهت حياتها بعوامل الانفتاح الاقتصادى ونظام السوق الحرة والخصخصة والعولمة والسياسات النيولبرالية، تبدأ الرواية وشرف يهوم فى سوق من طراز غالى تائها مبهورا حول العلامات التجارية الأجنبية ومطاعم غالية كل ما لا يطيقه هو أن يدفع لشىء من هؤلاء والقارئ يتعلم أن الهيام فى شوارع القاهرة واختلاس النظر إلى شبابيك الدكاكين العالمية من أهم هوى وتسلية شرف، وفى هيامه يذهب إلى سينما من طراز غالى، حيث يتعرف على سائح أجنبى من انجلترا اسمه "جون" ثم يذهب معه إلى سينما وبعد سينما يأخذه جون إلى منزله حيث يحاول أن يعتدى عليه، ودفاعا عن شرفه يقتل شرف جون مما يسبب وقوع شرف فى السجن، بعدئذ يدور معظم القصة فى السجن، حيث يكتشف عالم الفساد والرشاوى وأنواع انتهاك الحقوق البشرية، يمثل عالم شرف فى السجن مرآة عاكسة للدنيا خارج السجن المتوزعة بين طبقات مالكة و غير مالكة، حيث يضطر الجميع أن يدفعوا الرشاوى لكل ما يريدون أن يأكلوا أو لكل حركاتهم فى السجن.
الرواية تعبر عن كيف أن الحالة الاقتصادية تلعب أهم الدور فى الحصول على العدالة والحقوق، وذلك أوضح فى شخصية شرف ذاته حيث أنه لا يستطيع أن يحصل على العدالة مع كونه على الحق لأنه لا يقدر تحمل تكاليف أحذق المحامين، ومع أنه مجرَّم للدفاع عن النفس فقط ولكنه يعترف بأنه قتل سائحا خلال حملة النهب بعدما خضع للتعذيب الشديد والتهديات على أيدى البوليس بأنهم يعتدون على أخته إن لم يعترف، بينما أن قاتلا استطاع أن يفوز بالبراءة لأنه استطاع أن يحصل على خدمة محامى حاذق.
وتدور حوادث الرواية فى التسعينيات من القرن العشرين، ثمة أكثر من إشارة فى الرواية إلى الفترة التى تدور فيها الأحداث نستطيع رصدها من خلال سرد المشاهد التى يمر بها البطل الرئيسى "شرف" و هو فتى مراهق، تذكر الرواية أنه ولد فى سنة 1974م وكان فى السن التى تفور فيها الدماء و تغلى لأقل لمسة.