فى ظل الأزمة بين الخليفة على بن أبى طالب ومعاوية بن أبى سفيان اختار "على" مالك بن الأشتر لولاية مصر ودفع إليه بكتابه ليقرأه على الناس إذا بلغ مقصده، وكان فيه "أما بعد، فقد بعثت إليكم عبدا من عباد الله، لا ينام أيام الخوف، ولا ينكل عن الأعداء ساعات الروع، أشد على الفجار من حريق النار، وهو مالك بن الحارث أخو مدحج..." فلما سمع معاوية بأن الأشتر فى طريقه إلى مصر، اغتم لهذا النبأ أشد الغم، فاحتال فى التخلص منه ومن دون إراقة قطرة دم، ولدينا ثلاث روايات تختلف فى تفاصيلها إلا أنها تجمع على أن معاوية قد دس له السم" هذا جانب مما ورد فى كتاب( أشهر الاغتيالات فى الإسلام.. من زمن الصحابة إلى نهاية العصر الإسلامى) لخالد سعيد والصادر عن دار الفارابى ببيروت.
والكتاب يتناول أشهر عمليات الاغتيالات التى وقعت فى الإسلام، بدءاً من زمن الخلافة الراشدة، مروراً بالعهد الأموى، وانتهاءً بزوال الخلافة العباسية فى عام 656هـ.، ويؤكد أن معظم الاغتيالات التى حدثت كانت لغرض سياسي وجاءت فى سبيل التنافس والتحاسد على السلطة، وأنها حدثت دون مراعاة لصلات القرابة حيث ضاعت تحت أقدام السلطة المتوحشة لدرجة أن يقتل الأب ابنه ويتآمر الأخ على أخيه حتى أن الأم تسمِّم ولدها.
ومن ضمن الروايات التى يتوقف أمامها الكتاب حكاية اغتيال الصحابى سعد بن عبادة المعارض الأشهر لمبايعة أبى بكر الصديق، والذى تحكى الكتب كثيرا من الأساطير عن موته أشهرها أن الجن هى من قتلته، لكن خالد سعيد يتبى رواية كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه فيقول "إن عمر بن الخطاب عندما تقلد منصب الخلافة، بعث برجل إلى حوران فى الشام حيث يقيم ابن عبادة التى نزلها كمنفى اختيارى بعد رفضه مبايعة أبى بكر وعمر، قال عمر للرجل: ادعه إلى البيعة، واحمل له بكل ما قدرت عليه فإن أبى فاستعن الله عليه". فلما قدم الرجل حوران، وجد ابن عبادة فى بستان، فدعاه لبيعة عمر، فقال ابن عبادة "لا أبايع قرشيا أبدا"، فقال له الرجل "فإنى قاتلك"، فقال ابن عبادة : "وإن قتلتنى"، فقال الرجل : "أفخارج أنت مما دخلت فيه الأمة؟"، فقال "أما البيعة فأنا خارج" فرماه بسهم فأرداه صريعا، ويشك الشيخ خليل عبد الكريم فى كتابه "شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة.. السفر الثانى: الصحابة والصحابة" فى ضلوع معاوية بن أبى سفيان والى الشام حينها فى اغتيال ابن عبادة لتوطئة دولة قريش وتصفية معارضيها.
ويرى خالد سعيد أنه لا يقطع بصحة هذه الرواية لكنها الأقرب إلى المنطق لخلوها من عناصر الخرافة، ولكون أحداثها تشكل تفاعلا دراماتيكيا وختاميا لخلاف السقيفة الشهير الذى وقع بين زعيم الخزرج سعد بن عبادة وكل من أبى بكر وعمر على منصب الخلافة.
وتناول الكتاب الأسباب السياسية لمقتل عدد كبير من الصحابة والتابعين ورجال الدولة فى تاريخ العصر الإسلامى ومنهم الخليفة عمر بن الخطاب والخليفة عثمان ابن عفان والخليفة على بن أبى طالب.
كذلك الكثير من الصحابة ومنهم الزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله ومالك الأشتر وخارجة بن حذافة وعبد الرحمن بن عديس ومحمد بن مسلمة الأنصارى وخالد بن معمر السدوسى، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد، والحسن بن على وأبو رفاعة العدوى وعبد الله بن قيس الحارثى وعبد الله بن قرط الثمالى وسعيد بن عثمان بن عفان ومعاوية بن يزيد بن معاوية ومروان بن الحكم وعمر بن سعد ابن أبو وقاص وعبد الله بن عمر بن الخطاب وغيرهم الكثير .