"أنا غير قابل للتدجين رغم كل ما تعرضت له من منع وقمع ومضايقات أمنية وصرت أسمى (الكاتب الملعون) وحتى ضمن بيئتى الضيقة أنا محاصر ومتهم بالإلحاد والكفر. لذلك فأنا لا أدجن مثل الذئاب البرية لأننى أعتبر حريتى شيئا مقدسا ولا أتنازل عنها".
نعرف الكاتب السورى حيدر حيدر بسبب روايته "وليمة أعشاب البحر" التى أثارت أزمة فى عام 2000 عندما صدرت لها طبعة جديدة عن وزارة الثقافة، لكن معظمنا لم يقرأ لـ حيدر شيئا، مع أنه له روايات مهمة مثل "الزمن الموحش"، الزمن الموحش هى رواية لحيدر حيدر نشرت سنة 1973.
تدور الرواية عما حدث بعد هزيمة 1967 ما الذى حدث بالضبط فى الناس، كيف وجد المثقفون أنفسهم أمام كارثة حقيقية أصابتهم بأزمة دائمة.
قيل عن الرواية:
مثل سراب خادع يلمع فوق سهوب بعيدة، سراب يمتد ويمتد، هكذا يبدو الآن ركام حكايات "الزمن الموحش" شفافاً لامعاً، عصياً على اللمس، عصياً ربما على الإدراج، حكايات حيدر حيدر التى أفلتت فى غروب يوم كئيب مع شمس دمشقية، تهوى بلا استئذان خلف قمة قاسييون الأجرد لتحكى زمن الفشل العربي... قصص تمتزج بالأسى... باللوعة... بالحزن... فكيف السبيل إلى إيقاظ العربى الغائب فى زمن حكم على إسرائيل بالانتصار وعلى العرب بالهزيمة!!
ها هم هناك ضائعون بلا ذاكرة، غارقون فى مستنقع التاريخ، ولدوا فى عوالم مختلفة، متناقضة، عوالم فردية، جاؤوا من بلاد قصية مطرودين، ملهوفين، مسكونين بالأحلام والمجد والظمأ.
وهنا عاشوا بحنين لا حدود له لماضيهم وللرحم الذى انسلوا منه يوما، بعد أن نسوا بناء مدن نفوسهم فى صحارى مقفرة، يحدها الانقراض من الجنوب، والاغتصاب من الشمال، ومن الغرب البحر، ومن الشرق الرمل. وتحت جلودهم وشل التاريخ كله.
أحسهم تاريخا عابرا، حفر على جدران ذاكرتى لكن ذلك التاريخ عصى على اللمس، متمرد على التكوين السوى، بينما تتقدم "منى" بهية، موردة كالشفق، وهم يمضون بأعمارهم وتواريخهم الملوثة والمدماة كأنما أخذتهم غيبوبة.