"فى ساعة الظهيرة، فى فسحة الغداء التى تتخلل يوم العمل الطويل لمن يعملون كنا نجلس معًا، نشرب القهوة، تحدثنى عن نفسها وأحدثها عن نفسى، ويقربنا الصمت أكثر عندما نتطلع عبر زجاج المقهى إلى ذلك الجبل المستطيل المتعرج، الرابض على ضفة النهر الأخرى كتمساح طويل الذيل، ولكنى لما بدأت أشتهيها أصبحت ثرثارًا، كنت أتحصن وراء جدار الكلمات لكى لا أفتضح، تتدافع كلماتى الفارغة جرارة ومسلية ومتتابعة، مثل شرنقة دودة عراها جنون الغزل فلا تستطيع أن تكف".
يعد الكاتب الكبير بهاء طاهر واحدا من الكتاب المهمين فى الأدب العربى ولعل رواياته خاصة التى تحولت لأعمال درامية قد لقيت نجاحًا كبيرًا، خاصة روايته خالتى صفية والدير وواحة الغروب، لكن هناك أعمال أخرى مهمة ومنها "الحب فى المنفى" التى صدرت طبعتها الأولى فى عام 1995.
وتدور الرواية فى المنفى فى بداية الثمانينيات، قبل وبعد الاحتلال الإسرائيلى لبيروت، تحكى بلسان صحفى مصرى ناصرى فى الخمسين من عمره، صدم فى ما آلت إليه بلاده بعد رحيل عبد الناصر نفسه، وانتقال البلاد من زعيم إلى قائد، مر بعدة اضطرابات فى حياته الزوجية انتهت إلى الطلاق من زوجته منار، سافر بعدها إلى سويسرا حيث عمل مراسلا لصحيفة لم تعد تنشر له أى شىء، لأنه لا يزال مواليا لعبد الناصر!
تستمر أحداث الرواية فيتعرف إلى المرشدة السياحية النمساوية بريجيت ويحبها، ثم يظهر فى حياته أمير عربى ثرى يحاول إقناعه بتحرير جريدة ينوى إنشائها، إلا أنه السارد يكتشف أن هناك نوايا مشبوهة فيبتعد.