تمكن المفكر العربي فراس السواح أن يضع يده على نقاط مهمة فى الفكر الشرقي، وذلك بقراءته لماضى الإنسان فى تلك المنطقة، ومن الكتب المهمة التى كان فراس السواح السبب فى وجودها موسوعة تاريخ الأديان، وتقع فى خمسة مجلدات، يركز كل كتاب على مرحلة محددة فى تاريخ الدين، وليست الموسوعة من كتابة فراس السواح وحده بل هو محرر لها ومساهم فيها بعدة مواضيع، إنما هى مختارات مترجمة لعدد كبير جدًا من الكتاب فى مجال الأديان، مثل "مرسيا إلياد ودوركهايم وجون نوس وسام جيل وبيتر فورست" وغيرهم كثيرين، كما ساهم فيها عدد من المترجمين مثل "ثائر ديب ومحمد منقذ الهاشمى وعدنان حسن" ونتوقف اليوم عند الجزء الثاني من الموسوعة الذي يحمل عنوان "مصر- سورية - بلاد الرافدين - العرب قبل الإسلام".
وتقول مقدمة الكتاب "تشكو دراسة ديانة العرب قبل الاسلام من نقص الوثائق الكتابية والفنية وغموضها, أو انعدامها تماما, لقد تركت لنا الجماعات العربية التي استوطنت المناطق الجنوبية والأطراف العليا لشبه الجزيرة العربية, بعض الوثائق القليلة والمبعثرة التي لا تعيننا على رسم صورة واضحة للحياة الدينية، وكذلك الأمر فيما يتعلق بعرب جنوب شبه الجزيرة العربية، أما عرب الشمال فلم يتركوا لنا شيئاً، أو أن كل الشواهد على حياتهم الدينية قد تم تدميرها في وقت مبكر على يد المسلمين الأوائل، من هنا فإن أى دراسة لدين العرب لن تخرج إلا بصورة غائمة ومشوشة ومليئة بالفجوات".
و يبدأ الكتاب بتناول الديانة المصرية القديمة، يفصل الكتاب الخطوط العامة للديانة ثم الحديث عن الآلهة ووظيفة كلٍ منهم وإلى أي مجمع إلهي ينتمي، والباب الثاني بتناول الديانات السورية القديمة: الكنعانية، والفينيقية، والآرامية، وديانة إيبلا، والباب الثالث يتناول ديانات بلاد الرافدين، وهو الجزء الأفضل في الكتاب، يبدأ بإطلالة عامة على أديان ما بين النهرين، ثم يتناول الديانة السومرية والحديث عن المعتقد والطقس والأسطورة، وبينتهي بتناول ديانات بابل وآشور.
ويختتم الكتاب بباب صغير عن ديانات العرب قبل الإسلام، والسبب في صغر هذا الباب عدم توفر المواد الكافية لدراسة دياناتهم وهذا بسبب تدمير الدولة الإسلامية لكل ما يخص المعتقدات القديمة. فيقف الكاتب في هذا الفصل على ما هو موجود في محاولة لدراسة ولو جزء بسيط من معتقداتهم.