"الصمت يحيط المكان، الطبيعة ساكنة بهدوء ينتظر صرخة تحركه، الطيور على الأشجار تنظر إليه وتتساءل هل تسول له نفسه قتل أخيه، النهار ولى، وهابيل وحده يرعى غنمه، وقبل يكتب الضوء كلمته الأخيرةزفر هابيل أنفاسه الأخيرة، بعدما اغتاله غضب قابيل، وسجل أول جريمة بشرية على الأرض".
قابيل وهابيل هما أول ابنين للنبي آدم وزوجته حواء، هم أصحاب الجريمة المقترنة بأسمائهما، والتى تعد أشهر جريمة بشرية فى التاريخ الإنسانى، خاصة أنها أول جريمة قتل بشرية عرفنها الإنسان، بعد أن قتل قابيل أخاه هابيل، ففي يوم قررا أن يعبدا الله فقدما قرابين، فقدم قابيل من ثمار الأرض قرباناً للرب، وقدم هابيل أيضاً من أبكار غنمه ومن سمانِها، فنظر الرب إلى هابيل وقربانه، ولكن إلى قابيل وقربانه لم ينظر، فاغتاظ قابيل جداً، وسقط وجهه.
وذكرت الكتب الدينية (الكتاب المقدس: التوراة والإنجيل) و(القرآن الكريم)، وظلت تلك القصة واحدة من أيقونات التراث الإنسانى والدينى، لكن بعيدا عن قصة القتل التي قيل فيها الكثير، أين دفن قابيل أخاه هابيل، وأين هو مكان قبر أول قتيل على الأرض من أبناء آدم؟
بحسب دراسة للدكتور سهيل زكار، أن فى مدينة الخليل بفلسطين يوجد المكان الذى قتل فيه قابيل أخاه هابيل، وهناك أيضا الجبل الذى قد عليه كل واحد منهما قربانه إلى الله، وكذلك من الممكن رؤية الأرض الذى صنع منها آدم، فيما يذكر الكاتب عزت السعدنى فى كتابه " الشيطان يسكن المدينة" أن مكان قبر هابيل هو جبل قاسيون شمال دمشق بسوريا، حيث يوجد به مغارة مشهورة باسم مغارة الدم، حيث وقعت أول جريمة على الأرض.
ووفقا لما جاء فى كتاب "مدخل لدراسة الفولكلور والأساطير العربية" للدكتور شوقي عبد الحكيم، فإن مدن الشام اعتبر أول مسرح للخطيئة الأولى للإنسان على الأرض، فيقال أن آدم حين أخرجه الله من الجنة، سكن جبل حرمون – جبل الشيخ – وأن ولديه قابيل وهابيل، أقاما طويلا شرقى الفردوس فى سهل البقاع، ويستدل على صحة هذا، التقليد المقام اليوم من قبور هابيل وقابيل وشيث فى المحل المشار إليه، ويقال أن تسمية دمشق نسبة إلى إراقة دماء قابيل لأخيه هابيل، ويقول القديس هيرونيم "إن معنى دمشق شراب الدم"، كما يقال إنه من أرض دمشق هذه قيل لقابيل: "والآن فملعون أنت من الأرض التى فتحت فاها لتقبل دماء أخيك من يدك".
أما الدكتور شوقى أبو خليل فى كتابه "أطلس القرآن" يرجح أن أحداث قصة قابيل وهابيل وقعت فى مكة المكرمة، حيث كان يعيش آدم وحواء، لذلك ورد أن قابيل عندما هرب بعد قتل هابيل هرب لليمن كما جاء ذكر الطبرى، ويوضح المؤلف أيضا أنه يوجد على الطريق الذاهبة إلى دمشق عند منطقة "التكية" جبل مشرف على وادى نهر بردى، قبر طوله نحو خمسة عشر مترا، يعتقدا بعضهم أنه قبر هابيل.
وذكر فى هوامش "البداية والنهاية" للإمام ابن كثير، فإن الأماكن التى ذكرت عن قبر هابيل غير جبل قاسيون بدمشق، جبل مكة، وقيل أيضا عند عقبة حراء، وذكر الإمام جعفر الصادق أن مكان دف قابيل لهابيل فى البصرة موضع المسجد الأعظم، وقبل أنه قتله بأرض الهند، ثم هرب إلى أرض عدن من اليمن، وكان لهابيل يوم قتله عشرون سنة.