نواصل التوقف مع المفكر العربى الكبير فراس السواح فى مشروعه المهم "موسوعة تاريخ الأديان"، ونصل إلى الجزء الثالث الذى يأتى بعنوان "اليونان، الرومان، أوروبا ما قبل المسيحية".وتقع الموسوعة فى خمسة مجلدات، يركز كل كتاب على مرحلة محددة فى تاريخ الدين، وليست الموسوعة من كتابة فراس السواح وحده بل هو محرر لها ومساهم فيها بعدة مواضيع، إنما هى مختارات مترجمة لعدد كبير جدًا من الكتاب فى مجال الأديان، مثل "مرسيا إلياد ودوركهايم وجون نوس وسام جيل وبيتر فورست" وغيرهم كثيرين، كما ساهم فيها عدد من المترجمين مثل "ثائر ديب ومحمد منقذ الهاشمى وعدنان حسن".
الجزء الثالث يحتوى رصيدا غنيا ومفصّلا عن الديانة اليونانية، التى خصص لها الباب الأول منه، بدءاً من جذورها خلال الفترة القديمة، وكذا الفترة الكلاسيكية ثم الفترة الهيلينستية، منتقلا بذلك إلى منحى الآلهة ومرحلة التكوين وعنصر الإنسان والعالم الأسفل، ثم الكتابات المقدسة فالمقامات والمعابد والكهنوت وطقوس الاحتفالات والشعائر، والآلهة والأساطير اليونانية.
أما الباب الثانى من هذا الكتاب فلقد خصّصه للديانة الرومانية مفصّلا فى المعتقدات والممارسات والمؤسسات والآلهة والأساطير الرومانية.
أما عن الباب الثالث فهو يهتم بأوروبا ما قبل المسيحية، مستمدّاً الديانة التوتيونية نموذجا، متطرقا إلى كل الآلهة التوتيونية حتى عن غروب الآلهة ودمار العالم وبعثه من جديد والأرواح والعفاريت والجن والعمالقة والأرواح والأقزام.
وفى الكتاب نقرأ آلهة الإغريق واليونان وأساطيرها وخرافاتها وتحدث عن الروم ودياناتهم الوثنية قبل دخول المسيحية إليهم، هذا الجزء ملىء بسرد القصص والخرافات التى تحيط بالآلهة التى عبدوها من كواكب وبحار وجبال ومياه ونار وشمس وقمر.
وذكر الكاتب أن الاعتقاد بوجود الأقزام والعمالقة والعفاريت بشتى أنواعها ظل سائدا فى الأراضى الجرمانية لعدة قرون تلت دخول المسيحية وقد دام بعضها حتى يومنا هذا وهناك حقبة تقع بين القرن 9 والقرن 13 تمازجت خلالها الأساطير الوثنية والأساطير المسيحية فى بعض الأحيان، حيث إن أكثر القبائل الجرمانية والقوطية تقبلت الدين المسيحى دون التخلى عن معتقداتها الموروثة وكل ما فعلوه أن وضعوا ديانة فوق الأخرى دون أن يربطهم بأى منها رابط قوى.