اعتبر نقاد وباحثون أن رواية عمار على حسن الأخيرة "باب رزق"، والتى صدرت عن "دار نهضة مصر" شهادة جارحة على واقع اجتماعى بائس، منوهين بالبناء الفنى واللغة الشاعرية التى اتسمت بها الرواية.
ورأى الدكتور صلاح السروى أستاذ النقد الأدبى بجامعة حلوان أن رواية "باب رزق" تكشف جانبا من المأساة الاجتماعية التى نعيشها فى مصر الآن، حيث يزداد أصحاب الأعمال الهامشية، ويتوحش الفساد، ويعانى الناس من وطأة التحالف بين الشرطة والخارجين على القوانين.
وتابع السروى: "يخرج الكاتب فى روايته الحافلة بمواطن الجمال تلك من الواقعية الطيفية أو الشبحية أو السحرية إلى عالم من الواقع الفج، ويعرضه بلا رتوش، ليضعنا أمام كل أولئك الضحايا الذين صنعهم التظالم الاجتماعى والفساد.
من جانبه قال الناقد والشاعر الدكتور محمد السيد إسماعيل إن رواية "باب رزق" تعبر بلغة فياضة وبناء لافت عن "فلسفة التحايل" التى تخوضها الطبقة الدنيا فى المجتمع فى سبيل تحصيل أى رزق يعينها على أن تبقى على قيد الحياة.
وأضاف "هذه الرواية تكمل ملمح أساسى فى أعمال كاتبها وهو تصوير حياة الفقراء والمهمشين سواء فى القرى او المدن المصرية، وبطلها مثل كثيرين يعتقدون أن بوسعهم أن يرتقوا بأحوالهم من خلال التعليم لكنه يكتشف أن معرفته قد زادته اغترابا فى هذا المكان العشوائى المخيف".
ويرى الباحث عيد خليفة المعيد بكلية اللغة العربية بجرجا، جامعة الأزهر، والذى يعد أطروحة للماجستير عن الواقعية السحرية فى روايات عمار على حسن، أن "باب رزق" هى "رواية انكسار الحلم"، مؤكدا أنه رغم انتمائها إلى الواقعية الاجتماعية فإنها انطوت على مشاهد عديدة تنتمى إلى العجائبية، التى صبغت أعمال أخرى للكاتب.
وتدور وقائع "باب رزق" فى حى عشوائى بالقاهرة يسمى "تل العقارب" وأبطالها يتحدثون ويتصرفون من واقع هذه البيئة الاجتماعية الصعبة، والتى يصورها الكاتب صانعا منها أجواء كابوسية لافتة، تبدو وكأنها صورة بارحة وجارحة على وضع اجتماعى وإنسانى غارق فى البؤس.
وفى الرواية يتحايل شباب هذا الحى العشوائى على التقاط أرزاقهم بطرق غريبة، وأعمال هامشية، ويحركهم كعرائس الماريونيت عجوز قعيد، كان محاربا سابقا، له فى المكر باع طويل. وسط هذا البؤس تولد قصة حب ناقصة، وصراع دامى ضد البلطجية وسارقى القوت والفاسدين فى جهاز الشرطة والمتطرفين دينيا، لكن كل هذا لا يبدد آمالا عريضة بالخروج من الأزقة الغارقة فى العوز إلى براح عالم زاخر بالنعمة والراحة، لكن هذا الأمل يتبدد بمرور الوقت.
فى منتصف الطريق تتوالى المفاجآت لتحدد مصائر بشر متعبين، وتوزعهم على مصائر لا تخطر على بالهم، وأولهم بطل الرواية الذى جاء من صعيد مصر معتقدا أن بوسعه أن يغير حاله وأحوال من معه إلى الأفضل، لكنه يقع فى الفخ، ويكتشف أن قدراته أوهن من أن تمكنه من أن يحقق هذا الحلم المستحيل.
يشار إلى أن "باب رزق" هى الرواية التاسعة لعمار على حسن بعد "جبل الطير" و"شجرة العابد" و"سقوط الصمت" و"السلفى” و"زهر الخريف" و"جدران المدى" و"حكاية شمردل" و"بيت السناري"، إلى جانب أربع مجموعات قصصية: "حكايات الحب الأول" و"أحلام منسية" و"عرب العطيات" و"التى هى أحزن"، وله كتابان فى النقد الأدبى: "النص والسلطة والمجتمع" و"بهجة الحكايا"، إلى جانب ثمانية عشر كتابا فى التصوف والاجتماع السياسى.