قدم كتاب "السلف المتخيل" لـ رائد السمهورى، الصادر عن المركز العربى للأبحاث ودراسات السياساتمقاربة تاريخية تحليلية فى سلف المحنة أحمد بن حنبل فى القضية الكبرى المعروفة فى التراث باسم "قضية خلق القرآن" فى زمن الخليفة المأمون، وما تعرض له الإمام أحمد بن حنبل من تعذيب.
ويقول الكتاب: "كان المأمون يقول بخلق القرآن حتما، وهذه عقيدة جهمية ومعتزلية وزيدية وإباضية، والجدير بالذكر أن تلك الفرق كلها لها اتصال بالتشيع، فجهم ابن صفوان كان من أصحاب الرايات السود، والمعتزلة امتداد لمدرسة أبى هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية، وكذلك الزيدية، وحتى الإباضية، هم فى الحقيقة شيعة انقلبوا على على بن ابى طالب فى مسألة مخصوصة، منذ أيام التحكيم، لكن هذا لا يعنى الانقلاب فى كل شيء".
وتابع الكتاب: إذا كانت مدرسة أهل الحديث البغدادية تطلق سلفا أحكام "الكفر" قبل عهد المأمون أصلا، وتقيم له المحاكمات والاستتابات، فكيف الحال بمن أمر بها وامتحن عليه؟ معنى هذا أن المأمون يعلم أنه فى ذاته فى أعينهم "كافر" وإذا يجب الخروج عليه، كيف وقد حوكم بشر المريسى بالكفر محاكمة كبرى فى الجامع، واستتيب على رؤوس الأشهاد على أيدى محدثى بغداد، قبل أن يدخل المأمون بغداد بقليل.
كل هذا فى ذلك السياق يؤدى إلى حرص المأمون على أن يحفظ شرعيته، ويضرب من يراهم مهددين لها، وإن تأخر فى ذلك لأسباب معقولة، فقد كان المأمون أيضا يميل إلى الإرجاء، وهو ما يثبت أنه جهمي، متشيع، وليس معتزليا كما يتخيل كثير من الناس، كان يميل إلى الإرجاء أى تأخير أمر الفاسق وإرجائه إلى ربه، فالله وخده يحكم فيه، فنتوقف عن إطلاق الأحكام عليه، ونرجو له النجاة، وقد يغفر الله له بالشفاعة المحمدية، أو إذا شاء الله، وهذا ليس مذهب المعتزلة، وقد ورد عن المأمون قوله "الإرجاء دين الملوك".