يواصل المفكر العربى الكبير فراس السواح تقديم أفكاره الناقدة للواقع والباحثة عن صورة تليق بالفكر الحديث وبالعالم المتقدم الذى يحيط بنا، ويعيد قراءة أساطيرنا وينقد أفكارنا عن نفسنا ومن ذلك ما قمه فى كتابه "الله والكون والإنسان".
يقول فراس سواح فى المقدمة يحتوى الكتاب فى مقدمته على إجابات لأسئلة طالما وجهت إلىّ فى مقابلات صحفية وإذاعية وتلفزيونية مثل: لماذا اخترت الكتابة فى موضوع الميثولوجيا والدين؟ أو لماذا لا نجد لك رأياً حاسماً فى المسألة الدينية؟ أو هل تدعم كتاباتك الموقف المعادى للدين؟ وبعد ذلك انتقلت للإجابة عن تساؤلات طالما لمستها عند الآخرين بخصوص المسألة الدينية، وبعد كل إجابة كنت أتخذ موقف القارئ وأخرج بتساؤلات محتملة قد تُبنى على تلك الإجابة.
و هكذا تسلسل العمل عن طريق السين والجيم، إلى أن أنجزت ما كنت أصبو إليه وهو صياغة رؤية موجزة لتاريخ الأفكار الدينية فى تفاعلها وعلائقها مع بعضها البعض عبر مسيرة الثقافة الإنسانية.
هذا التاريخ يصب فى تيار ما يدعى بتاريخ الأفكار العام، وهو منظومة معرفية جديدة تتوحد فيها الأفكار الحكموية والأفكار الفلسفية والأفكار الدينية، فعلى الرغم من أن الدين يتميز عن الحكمة والفلسفة بنظامه الطقسى الذى يهدف إلى إقامة الصلة بين المقدس والدنيوى، إلا أنه فى جانبه الاعتقادى لا يختلف عن الفلسفة من حيث تقديمه للأجوبة عن الأسئلة الإنسانية الكبرى، وكلتا المنظومتين عبارة عن تفكير منظم فى شؤون الحياة و الكون.
ولذلك فإننا فى دراستنا للأفكار الدينية عبر التاريخ إنما نقوم بدراسة الجانب الأهم من تاريخ الأفكار العام، وذلك لما للأفكار الدينية من تأثير على البشر لا يعادله تأثير الأفكار الفلسفية.
ينقسم الكتاب إلى عشرة محاور، يتناول فى كل محور جانب محدد، الأول عن العلاقة بين الدين والفلسفة، الثانى عن الدين والحضارة وتأثير كل منهما فى الآخر، الثالث عن الدين والأساطير والتشابهات بينهما، الرابع عن الديانات التوحيدية، الخامس يتناول التناص بين التوراة وما قبلها من كتب مقدسة، وبين التوراة والإنجيل، السادس عن التناص بين القرآن والإنجيل، السابع عن التناص بين القرآن والتوراة، الثامن عن الغنوصية ومراحل تطورها فى الديانات وخارجها، التاسع يتناول فى صيغ مختلفة لمفهوم الله فى الديانات الأخرى والوحدانية التى لا تنفى وجود آلهة أخرى، العاشر والأخير عن الأديان التى لم تعتمد على مفهوم الإله فيتناولها فى الجاينية والبوذية والتاوية.