يقام على هامش معرض القاهرة الدولى للكتاب حفل توقيع الكتاب الثانى للكاتبة زينب عبد الرزاق، رئيس تحرير مجلة ديوان الأهرام، اليوم السبت، فى تمام الساعة الواحدة ظهرًا، بجناح الدار المصرية اللبنانية، ويرصد كتاب "إحسان عبد القدوس- معارك الحب والسياسة (1919-1990)"، جوانب مهمة من تاريخ مصر الحديث، الكتاب يتضمن عدة محاور، بدءاً من طفولته، وكيف استطاع التوازن فكرياً بين توجهات جده الدينية شديدة التحفظ، وتوجهات أمه السيدة فاطمة اليوسف (روزا ليوسف)، والتى بدأت حياتها بالوقوف على خشبة المسرح منذ طفولتها، ثم عملها بالصحافة وإصدار مجلة روزا ليوسف منذ كان عمرها 27 عاما، أما المحور الثانى فقد تناول بالتفصيل علاقة إحسان بأهم شخصيتين فى حياته- أمه وزوجته- ولذلك كان عنوان هذا الفصل: ملهمتاه٠٠الأم والزوجة.
وفى محور ثالث تناول الكتاب (صراعات السياسة و دهاليزها) وذلك من خلال المعارك السياسية التى خاضها إحسان، سواء فى فترة العهد الملكى (حيث تعرض للسجن سنة 1945 بسبب مقاله الذى طالب فيه برحيل ممثل بريطانيا من مصر)، ومرة أخرى بعد مقاله الشهير عن الأسلحة الفاسدة، ودور بعض الشخصيات العاملة فى القصر الملكى في هذه الصفقة المشبوهة.
وقد استمردور إحسان السياسى فى العهد الجمهورى، فتعرض للحبس فى السجن الحربى سنة 1954 بسبب مقاله عن ( الجمعية السرية التى تحكم مصر )، وبعد تولى السادات الحكم، تعرّض أيضاً لبعض المضايقات، بسبب مواقفه السياسية المبدئية، وكل ذلك بالرغم من العلاقة الوطيدة التى ربطت بينه وبين الرئيسين عبدالناصر والسادات، وقد تحمّل نتائج كل معاركه السياسية، وشجعته والدته على مواقفه سواءً في عام 1945، أو في عام 1954.
وفى محور خامس تناول الكتاب بعض أعمال إحسان الإبداعية والسينمائية، بينما كشف محور آخر عن رسالة طويلة وجهها إلى عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين، تناول فيها أزمة رواية "أنف وثلاث عيون"، وهى تقرير واقع لحال أديب كبير يتعرض لحملة قتل وتعذيب وظلم معنوى من بعض كتاب الصحف المشوهين المرضى المتواجدين فى كل العصور والأزمنة، ومن تخاذل الكبار أحيانًا فى قول كلمة الحق..،وهناك وثائق أخرى منها مقال لم ينشر لإحسان يوضح فيه لماذا أثار قضية "الأسلحة الفاسدة" ومن ساعده في ذلك، و رسالة أخرى إلي ابنه محمد عبدالقدوس يتحدث فيها عن إيمانه العميق بالإسلام كدين عظيم.
وتناول الكتاب أيضاً محور لم يتعرض له النقاد من قبل، حول اليهود الذين عاشوا فى مصر وتمصروا ثقافيـاً وذلك من خلال عرض وتحليل لبعض قصص وروايات إحسان التي كتبها وتدور شخصياتها وأحداثها حول هذه القضية، بينما جاء محور آخر جديد أيضاً، حول التشابهات بين نزار قبانى وإحسان عبد القدوس.
تناول الكتاب أيضاً القضية التى شغلتْ الوسط الثقافى بعد وفاة إحسان، وهى السطو على أعماله القصصية والروائية وتزويرها بمعرفة الناشر الذى كان يحتكر سابقا نشر أعماله.والمعركة التي دارت.وكيف كان العام الأخير في حياة إحسان، وآخر ما قاله وكتبه.
الكتاب يعد ترجمة صادقة لحياة إحسان الشخصية والفكرية والسياسية، وأيضاً يسلط الضوء على كل القيم التي أفرزتها ثورة 19 وأهمها تلك الروح الليبرالية المنفتحة بعمق ووعى على ماضيها وحاضرها ومستقبلها، والانفتاح على الآخر دون الوقوع في التغريب، هو أيضاً طرح واقعي لمصر المتحررة التي تشكلت بعد ثورة 1919 فقد التفت بعمق إلى الفسيفساء الاجتماعية التي كانت تشكل المجتمع المصري عرقيا ودينيا، وقد بدا ذلك جلياً من خلال الروايات التي ضمت شخصيات مسيحية ويهودية كانت تشكل النسيج الاجتماعي في الثلاثينات والأربعينيات من القرن الماضي.
إحسان عبد القدوس لم يكن كاتباً روائياً أو سياسيا فقط، كان ثورة إنسانية تمشى على الأرض بخفة وجبروت، ودفع الثمن غاليا، لكنه لم يكره ثورة 1952 ولم يعاديها رغم انتقاده لها، فقد كان من القلائل الذين عاشوا الثورة دون أن يتاجروا بها، نستطيع القول إذن، أن إحسان عبد القدوس رجل ظلمه النقاد وأنصفته الجماهير عندما قرأت إبداعه بحب، كما أنصفته السينما عندما قدمت له من عباءة رواياته عددا من الأفلام الفارقة في تاريخها، والكتاب محاولة لإعادة قراءة مصر وتاريخها الحديث من خلال مرآة أحد أبرز أبنائها المبدعين.