قدم الباحث محمود محمد أحمد كتابا مهما بعنوان "تطور مفهوم الجهاد .. دراسة فى الفكر الإسلامى المعاصر" والصادر عن الشبكة العربية للأبحاث والنشر.
ويستكشف الكتاب التورات التى حصلت فى مفهوم الجهاد عبر تاريخ الفكر الإسلامى المعاصر دراسة تاريخية معمقة بدءا بالمفهوم فى نصوص الإسلام المؤسسة (القرآن والسنة) ونصوص الفقهاء والمتصوفة والمتكلمين، وصولا إلى المدارس الحديثة والمعاصرة حتى نهاية العقد الأول من الألفية الثانية بعد الميلاد، تحلل الأسباب التى أت إلى إحداث تغير مصاديق المفهوم فى كل مرة، فى محالة لفهم كيف ولماذا حصلت هه التطورات المفهومية، وما هى دلالتها من منظور رؤية العالم فى كل حقبة.
تبين الدراسة كيف أن "الجهاد" كمصطلح لم يكن متداولا فى اللغة العربية قبل نزول القرآن، بل هو مصطلح قرآنى خاص عام للدلالة، حصره الفقهاء لاحقا فى بعد قانونى مرتبط بالقتال، وقتال الكفار خاصة. وتناوله المتصوفة ليحصروه بدورهم فى إطار مكابدة النفس البشرية والعمل عليا بغية تهذيبها والارتقاء بها، مع الزمن تطور المفهوم ودخلته تغييرات متعددة، خصوصا فى الفكر الإسلامى الحديث، إذ حاول الإصلاحيون والتجديديون الخروج بفهم يتناسب مع مفهوم الدولة الحديثة، عبر حصره فى دائرة الدفاع، بينما زج مفكرون آخرون بهذا المفهوم فى معارك السياسة وحولوه إلى وسيلة وحيدة للوصول إلى سدة الحكم وبناء نظام حكم إسلامى على أنقاض الأنظمة الاسدة فى العالم، وكلما حدث تغيير ما فى هذا المفهوم كان لرؤية العالم دور أساس فيه.
وناقش الكتاب تحت عنوان "الجهاد دفاع عن الدين لا الأوطان" حيث يرى أن أصحاب هذا الرأى أن الجهاد مفهوم مرادف للحرب الدينية فى مقابل الحرب المدينة، ويزعم أصحاب هذا الاتجاه أن ذلك ما يقوله "التراث الإسلامي" وليس النصوص المؤسسة.
ومع ذلك يحاول أصحاب هذا الاتجاه – الذى ربما كان رائده الأول هو السيد أحمد خان الهندى – عرض مفهوم الجهاد بعيدا عن مفاهيم مثل "الغدر والقسوة" والذى لا يمكن تحميله معانى معانى مثل العنف وسفك الدماء.
وحتى تتم إعادة تفسير الجهاد بحسب هذا المعنى يقرأ أصحاب هذا الاتجاه مفاهيم "دار الإسلام" ودار الهجرة الواردة فى كتب الأحناف من جديد ويسقطونها على الهند فى ضوء وضع المسلمين تحت حكم البريطانيين فيها، هذا الوضع الخاص، وما يقتضيه حاضر دائما لا يغيب عن أصحاب هذا الاتجاه ويبقى فاعلا فى جميع مراحل القراءة الاسترجاعية.
يرى هذا الفريق أن الجهاد عبارة عن الحرب دفاعا عن المعتقد، وهذا معن كونه فى سبيل الله، وحتى يكون هذا الجهاد شرعيا يجب أن يكون موجها ضد دار الحرب فقط، شريطة أن تتوافر فيها عدة شروط تحولها إلى دار كفر أو بالأصح دار تكفير واضطهاد.