"فى الأساطير السومرية، وهى أول الأساطير المدونة في تاريخ الحضارة الإنسانية، تبدأ عملية خلق وتكوين العالم انطلاقا من مادة بدئية أزلية هى المياه الأولى، التى دعاها السومريون (نمو)، ففي أعماق هذه المياه تشكلت بذرة الكون الأولى على هيئة جبل".. نواصل مع المفكر العربى الكبير فراس السواح قراءة كتبه التى أثارت الكثير من الأفكار الجديدة وقلبت الأرض القديمة ومن ذلك كتابه "مدخل إلى نصوص الشرق القديم".
يهدف هذا الكتاب إلى التعريف بأهم النصوص الأدبية لثقافات الشرق القديم، من أساطير وملاحم وحكم وأمثال وتراتيل وصلوات، وما إليها. وقد زاد المؤلف عليها عدداً من الدراسات التى تلقى الضوء على هذا الأدب وتساعد على فهمه وتذوقه. بعض هذه النصوص تم تقديمها بنصها الكامل، وبعضها الآخر من خلال مقاطع تعبر عن روحها ومقاصد مؤلفيها، لا سيما عندما تكون الرُقُم الفخارية غير واضحة تماماً للقراءة بسبب الكسور والتشوهات الحاصلة فيها، وعلى الرغم من أن المؤلف قد أرفق نصوصه بشروح وتحليلات، إلا أنه أبقى ذلك فى الحد الأدنى الضرورى الذى لا يؤدى إلى ملل القارئ غير المتمرس، آملاً فى الوقت نفسه تزويد الباحثين فى مجالات العلوم الإنسانية الأخرى بما يفيدهم من شواهد تغنيهم عن الرجوع إلى أمهات المراجع العالمية التى استند إليها.
ويتناول الكتاب مجموعة من النصوص القديمة المختلفة ما بين أساطير وتراتيل وصلوات وملاحم وحكم، بعضها كامل وبعضها أجزاء منها، ويقوم بشرح وتفسير وتحليل تلك النصوص بطريقة مختصرة وسهلة، مع إظهار أوجه التشابه بين كثير من الاساطير المعروفة.
يقول الكتاب: "بعد أن أخذ الكون شكله وانتظمت دورة النهار والليل وحركة الفصول، وبعد أن أخرجت الأرض زرعها وشجرها وتفجرت ينابيعها، وبعد أن ظهرت الحيوانات بأنواعها، صار المسرح مهيئا لظهور الإنسان، الذة ترى الأسطورة السومرية أنه خلق لكى يحمل عبئ العمل ويرفعه عن كاهل الآلهة. فقبل ظهور الإنسان على الأرض كان الآلهة يقومون بكل الأعمال التى تحفظ حياتهم وتيسر معاشهم".