"ركضت نهيلة حاملة طفلها على زندها، وأمسكت بيد الشيخ الأعمى. ارجعوا كلكم، صرخ الضابط، لم يرجعوا. سحبوا أبى وعادوا إلى البركة، حيث التجمع الرئيسي، وانطلقت الشاحنة وبدأ إطلاق النار فوق رؤوس الناس الذين تفرقوا فى الحقول، بحثاً عن قرى جديدة أو عن الحدود اللبنانية. حكاية زبّوبا يا ابني، هى التجسيد الحقيقى لمأساتنا قال يونس".
حققت رواية باب الشمس للكاتب إلياس خورى صدرت عام 1998 نجاحا كبيرا وصارت من الروايات المهمة التى تناولت القضية الفلسطينية وقد حولها المخرج يسرى نصر الله إلى عمل سينمائى.
فى "باب الشمس" يمضى إلياس خورى بسرد مسيرة المطر والموت والوحل، تهجير ومخيمات وأناس يحلمون بالحياة، يحلمون بالوطن ولكن نهيلة تقول لن يكون هناك وطن قبل أن نموت جميعاً، والآن ماتت نهيلة ومات ذاك المريض وماتت شمس، شخصيات ثلاث تطوق بأبعادها الإنسانية الفلسفية أحداق الأحداث، تلفها بصمت بليغ، لم يترجم معانيه سوى دموع المآقى والمطر.
ينسج الياس خورى من كسر الحكايات الشخصية للفلسطينيين مادة روايته مقيما معمارا تتداخل فيه حكايات شخصياته وتتراكب ويضيء بعضها بعضا ويوضح البقع الغامضة فى بعضها الآخر. واذا كانت الحكاية المركزية فى الرواية هى حكاية يونس الأسدي، الرجل الذى يرقد فى مستشفى الجليل فاقدا وعيه، فإن حكاية الراوى نفسه، أو حكايات أم حسن وعدنان أبو عودة ودنيا وأهالى مخيم شاتيلا، لا تقل مركزية عن تلك الحكاية الأساسية التى تشد الحكايات الأخرى الى بعضها بعضا، والتى يقوم الكاتب بتضمينها فى جسد حكاية يونس الأسدى وتوزيعها على مدار النص للوصول فى النهاية الى لحظة الموت وصعود الحكاية الى أعلى، والى سدة التاريخ المخادع الذى يهزم الكائنات.