تجاوزت رواية "موسم الهجرة إلى الشمال" للروائى السودانى الشهير الطيب صالح جغرافيتها تمامًا وصارت واحدة من أهم الروايات العربية، واحدة من الكبار، التى لا تخلو أبدًا، منها قائمة أبدًا.
صدرت الرواية فى طبعتها الأولى عام 1966 وتحكى عن مصطفى سعيد، الطالب السودانى الذى ذهب إلى لندن قادمًا بثقافة أفريقية، ولا يعرف عن الثقافة الغربية أى شىء، ثم يحصل على وظيفة كمحاضر فى إحدى الجامعات البريطانية ويتبنى قيم المجتمع البريطانى، ومن هنا يتعرف على زوجته، جين موريس، وهى امرأة بريطانية ترفض قبول إملاءات زوجها.
بعد أعوام يعود مصطفى إلى بلاده، حيث يلتقى هناك بصورة مفاجئة براوى القصة الذى عاش أيضًا فى بريطانيا، القصة نفسها تروى عن طريق قصص يرويها الراوى والبطل.
ومن أجواء الرواية
"عدت إلى أهلى يا سادتى بعد غيبة طويلة سبعة أعوام على وجه التحديد، كنت خلالها أتعلم فى أوروبا، تعلمت الكثير وغاب عنى الكثير لكن تلك قصة أخرى، المهم إننى عدت وبى شوق عظيم إلى أهلى فى تلك القرية الصغيرة عند منحنى النيل سبعة أعوام وأنا أحن إليهم وأحلم بهم، ولما جئتهم كانت لحظة عجيبة أن وجدتنى حقيقة قائما بينهم فرحوا بى وضجوا حولى ولم يمض وقت طويل حتى أحسست كأن ثلجا يذوب فى دخيلتى فكأننى مقرور طلعت عليه الشمس. ذاك دفء الحياة فى العشيرة فقدته زمانا فى بلاد "تموت من البرد حياتها"، تعودت أذناى أصواتهم وألفت عيناى أشكالهم من كثرة ما فكرت فيهم فى الغيبة، قام بينى وبينهم شئ مثل الضباب، أول وهلة رأيتهم لكن الضباب راح".