منذ 73 عاما رفض الفلسطينيون والإسرائيليون بشكل منفصل الاقتراح البريطانى بتقسيم فلسطين إلى دولتين الأولى فلسطينية عربية والأخرى يهودية مع بقاء القدس تحت إشراف دولى، فى إطار خطة بريطانية لإقامة دولة عبرية للمستوطنين اليهود بفلسطين، قبل عام واحد من إعلان دولة الكيان الصهيونى، وفى هذه الأيام يأتى الحديث عن صفقة ترامب للسلام.
ووفقا لكتاب "الجدار العازل فى الأراضى الفلسطينية المحتلة: دراسة قانونية سياسية فى ضوء فتوى محكمة العدل الدولية"، تقدمت بريطانيا فى فبراير عام 1947 بمشروع باسم خطة "بيفن" وكانت تقضى هذه الخطة بوضع فلسطين تحت وصاية بريطانية لمدة خمس سنوات، ويتم إدراتها بتقسيمها إداريا طبقا لأغلبية السكان، وفى أبريل من نفس العام عرضت الأمر على الجمعية العامة للأمم المتحدة، وصدر القرار بتاريخ 15 مايو 1947.
ورغم معارضة العرب لإقامة دولة يهودية على أراضى فلسطين، إلا الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت مقاربة سياسية لمعالجة قضية فلسطين، وصدر القرار رقم 181 فى 29 نوفمبر عام 1947، بتقسيم فلسطين إلى دولتين نصيب اليهودية من الأرض فيها 56.4%، حسبما ذكرت الدكتورة نجوى حسانين في كتابها " حقوق اللاجئين الفلسطينيين بين الشرعية الدولية والمفاوضات الفلسطينية".
وتأتى ذكرى رفض خطة "بيفن" البريطانية لتقسيم فلسطين بالتزامن مع الحديث الدائر حول صفقة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب للسلام، للوصول إلى حل من أجل عملية السلام يقضى بتقسيم فلسطين، وإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وقيامه منذ أكثر من عام بنقل السفارة الأمريكية فى تل أبيب إلى القدس، لكن هل خطة ترامب وقراراته الأخيرة تهدف إحلال السلام فى الشرق الأوسط أم تضع نهاية لحلم الاستقرار بالمنقطة؟
بحسب ما جاء فى نشرة "فلسطين اليوم" عدد يناير 2017، وصف السفير الأمريكى السابق لدى إسرائيل مارتن إندك أن نقل السفارة الأمريكية فى تل أبيب إلى القدس سيؤدى إلى انفجار الغضب فى العالم العربى والإسلامى.
وأكد "إندك" أن ترامب يقوم بعرقلة عملية السلام، خاصة موقفه من القدس، فإسرائيل تنظر إلى القدس على انها عاصمتها الموحدة غير القابلة للتقسيم، بينما ينظر معظم العالم بما فيه الولايات المتحدة إلى النصف الشرقى من القدس أو القدس الشرقية على أنها أرض فلسطينية محتلة.
وذكر المحرر ماكس بوت مقاله في صحيفة واشنطن بوست، ترامب لا يحاول في الواقع بجدية القيام بذلك، إذ إن ما أميط اللثام عنه لم يكن سوى مجرد "حملة علاقات عامة وليس خطة سلام"، ووصف خطة السلام بأنها "رؤية واقعية" لـ"حل دولتين"، وهي مجرد واجهة زائفة لفرض سيطرة واستيلاء إسرائيلي على الأراضي.
ويرى كثيرا من المحللين الاستراتيجيين أنه يبدو أن الادارة الأميركية قد تنازلت تماما عن حلم سلام إسرائيلي – فلسطيني، وأن نشر تفاصيل الصفقة الآن يتم بادراك واضح بأن الخطة سترفض من قبل الفلسطينيين، ويذهب البعض حسبما ذكرت جريدة الأيام البحرينية: " وهناك شك في أن يكون "ترامب" أصلا يرغب في ذلك – التوصل إلى حل لإحلال السلام- لأن كتابة الصفقة بصيغة تضمن رفض الفلسطينيين لها نهائيا".