رغم أن التراث الإسلامى يقول "لا فضل لعربى على أعجمى إلا بالتقوى" نجد أن بعض النصوص خاصة فى الفقه كان لها رأيا مغايرا، ومن ذلك ما قال به كبار الفقهاء فيما يتعلق بالكفاءة فى الزواج، والكفاءة أشياء كثيرة منها "النسب".
ما المراد بالنسب؟
المراد بالنسب صلة الإنسان بأصوله من الآباء والأجداد، والمقصود من النسب أن يكون الولد معلوم الأب، لا لقيطاً أو مولى إذ لا نسب له معلوم.
ما الذى يراه الفقه فى ذلك؟
لا يعتبر المالكية الكفاءة فى النسب، أما الجمهور (الحنفية والشافعية والحنابلة وبعض الزيدية) فقد اعتبروا النسب فى الكفاءة، لكن خصص الحنفية النسب فى الزواج من العرب، لأنهم الذين عنوا بحفظ أنسابهم، وتفاخروا بها، وحدث التعيير بينهم فيها، أما العجم فلم يعنوا بأنسابهم ولم يفتخروا بها، ولذا اعتبر فيهم الحرية والإسلام، والأصح عند الحنفية أن العجمى لا يكون كفئاً للعربية ولو كان عالماً أو سلطاناً.
ما الأدلة التى اعتمد عليها الفقهاء؟
وبناء على هذا الرأى، لا يكون العجمى كفئاً للعربية، لقول عمر "لأمنعن أن تزوج ذات الأحساب إلا من الأكفاء"، ولأن الله اصطفى العرب على غيرهم، ولأن العرب فضلت الأمم برسول الله صلّى الله عليه وسلم، وقريش عند الحنفية وفى رواية عن أحمد بعضهم أكفاء بعض، وبقية العرب بعضهم أكفاء بعض، واستثنى بعضهم بنى باهلة لخستهم. ودليلهم قول ابن عباس: قريش بعضهم أكفاء بعض.
كيف يتشدد الشافعية فى ذلك؟
ويرى الشافعية وفى رواية أخرى عن أحمد، أن غير الهاشمى والمطلبى ليس كفئاً لباقى قريش كبنى عبد شمس ونوفل، وإن كانا أخوين لهاشم، لخبر "إن الله اصطفى من العرب كنانة، واصطفى من كنانة قريشاً، واصطفى من قريش بنى هاشم، واصطفانى من بنى هاشم"، ويتفق الجمهور على أن قريشاً وهم أولاد النضر بن كنانة أفضل نسباً من سائر العرب، فالقرشية لا يكافئها إلا قرشى مثلها، والقرشى كفء لكل عربية، وأن المرأة العربية غير القرشية يكافئها أى عربى من أى قبيلة كانت، ولكن لا يكافئها غير العربى أى العجمى.
ما أدلة جمهور الفقهاء فى هذه الآراء؟
ودليل الجمهور حديث "العرب بعضهم أكفاء لبعض، قبيلة بقبيلة، ورجل برجل، والموالى بعضهم أكفاء لبعض، قبيلة بقبيلة، ورجل برجل، إلا حائك أو حجام".
والحق أن اعتبار النسب فى الكفاءة ليس صحيحاً، والصحيح قول المالكية؛ لأن مزية الإسلام الجوهرية هى الدعوة إلى المساواة، ومحاربة التمييز العرقى أو العنصرى، ودعوات الجاهلية القبلية والنسبية، ولأن انتشار الإسلام بين الناس غير العرب إنما كان أساساً لهذه المزية، وإعلان حجة الوداع واضح وهو أن الناس جميعاً أبناء آدم، وليس لعربى على عجمى فضل إلا بالتقوى.