لا تنضبط حياة الإنسان الروحية دون شيء يقدسه، ومنذ قديم الزمان، بدأت رحلته مع الدين، فى البداية كانت الأمور فى إطار الطوطمية أى البحث عن روحه داخل شيء خارجى عنه فى شجرة أو حيوان أو طائر ومن هنا عبد الإنسان الدب.
فى جبال الألب السويسرية والألمانية تم العثور على جماجم دببة وعظام أخرى محفوظة فى حفر على شكل صناديق حجرية، بعضها ممدد على بلاط حجرى بينها جمجمة دب صغير وضعت فوق عظام دب أكبر سناً، دفعت هذه الاكتشافات إلى الأعتقاد بأن الانسان قد دفن الدببة فى هذه الأماكن بشكل مقصود إرضاء لعقيدة آمن بها تقوم على تقديس هذا الحيوان، ورفض آخرون هذا الرأى ورأوا أن تَجمّع الجماجم والعظام حالة طبيعية لأن الدببة عاشت وماتت فيها، ونبشت على مر الزمن عظام بعضها بعضاً مما أدى إلى تدحرج الجماجم أو تجمع العظام فى نقاط معينة تبدو للناظر وكأنها دفن مقصود.
لكن فى مغارة (روجردو) فى مقاطعة (الدردون) فى جنوب غرب فرنسا على عشرين جمجمة لدب مدفونة فى حفرة مستطيلة الشكل فى قبر من الحجر تغطيه بلاطة حجرية واحدة، وبجانب هذا القبر دفن هيكل عظمى كامل لأحد الدببة.
وهذا الاكتشاف بالرغم من اعتراض بعض الباحثين يمكن أن يعد شاهداً على دفن مقصود وواضح للدببة مع الاهتمام الخاص بجماجمها مما يؤكد الظن بأن الدب كان يحتل جزءاً عظيماً فى العالم الروحى للنياندرتاليين.
وعثر أيضاً فى (باخلر، اهرنبرغ) على جماجم خبأت عظاماً فى منخورها أو فى أقواس وجنتيها، وعثر فى (كاهن ليموزي) على جماجم مغطاة بكتل من الصلصال.
ويفترض بعض علماء الآثار أن مجتمعات العصر الحجرى الأوسط، كمجتمعات نياندرتال "الإنسان البدائى" وهو أحد أنواع جنس هومو الذى استوطن أوروبا وأجزاء من غرب آسيا وآسيا الوسطى، وتعود آثاره البيئية التى وجدت فى أوروبا لنحو 350 ألف سنة مضت، وانقرض فى أوروبا قبل نحو 24 ألف سنة مضت، مارست أول أشكال العبادة الطوطمية أو عبادة الحيوان، ورجح ذلك الباحث السويسرى إميل باتشلر فى أبحاثه بداية القرن الماضى.