"إن لظاهرة الجنون التى لا يخلو منها حى من أحياء المدينة أو حارة من حاراتها، ارتباطا دون ريب بالفتنة الجسدية التى طالما تعرف إليها أو تخيلها الرجال فى غرف دار المتعة وهى تنبض وتتحرك وتعبق كما البخور الذى تشعل عيدانه هناك لطرد الليل الذى يتكرر حلوله كل يوم وبعد نهار يمتاز بالهدوء والملل فتصل سحب دخانه العطرة صدور الرجال المتأججة بالرغبات المكبوتة التى لا يمكن تحقيقها إلا فى حالة وجد أو غيبوبة بين جدران غرفة من غرف القصر الذى يمنح المتعة دون حدود أو قيود".. هذا ما يقوله وليد إخلاصى فى روايته "دار المتعة".
وصدرت رواية "دار المتعة" للكاتب السورى السورية وليد إخلاصى سنة 1991، وقع اختيارها ضمن أفضل مائة رواية عربية، والرواية فكرتها أن "جواد" يقاوم إغراء "أسمهان" ويؤجل فعل الموت ليلة بعد ليلة بحكايات تنفصل إحداها عن الأخرى، يستلهم وليد إخلاصى الفكرة من "ألف ليلة وليلة"، لكنه يقلب الأدوار ويقلب المصائر، فى "ألف ليلة وليلة" يعود شهريار إلى رشده ويتحول – بفضل شهرزاد – من قاتل إلى محب، ورغم أنه أزهق أرواح عذراوات بريئات فإنه لم يستحق لأجل ذلك الموت.. بل يُمنح الحب والسماح.
وقال صالح الرزوق عن كتابات "وليد خلاصى" إن جاذبية كتابات وليد إخلاصى لا تأتى من اهتمامه بالمكان فهو لديه صامت لا يقول شيئا. و على الرغم من اهتمامه بمدينة حلب و بعلاماتها المتميزة لا تجد شيئا من نكهة القاهرة كما صورها عاشقها المتيم نجيب محفوظ.
و كذلك الأمر بالنسبة للأحداث. فالحبكة يمكن أن تتطور فى أى بلد من العالم. و لا أعتقد أن الإشارات العابرة لقلعة حلب تستطيع أن تحل لغز هذه المدينة، ودائما أسأل نفسيى: هل فى قصص وليد إخلاصى ما يرادف جسر درينا الذى ربط الأحداث فى رواية إيفو أندريتش المعروفة و حولها من قصص متفرقة لعمل روائى متماسك يعيد بناء ماضى بلغاريا، و هل فيها ما يوازى التفاصيل التى وردت فى (زقاق المدق) لنجيب محفوظ عن الأحياء الشعبية و سكان الهوامش و الإنسان البسيط و المكافح بعثراته و أخطائه وإصراره على تحدى المستحيل.
ولد وليد إخلاصى فى إسكندرونة فى عام 1935، تلقى تعليمه فى حلب والقاهرة، ونال الإجازة فى العلوم الزراعية، من مؤلفاته:
(قصص - بيروت 1963، العالم من قبل ومن بعد - مسرحية - دمشق 1964، شتاء البحر اليابس- رواية - بيروت 1965، دماء فى الصبح الأغبر - قصص- بيروت 1968، أحضان السيدة الجميلة - رواية - دمشق 1969، زمن الهجرات القصيرة - قصص- دمشق 1970، الطين - قصص- بيروت 1971، الدهشة فى العيون القاسية- قصص- دمشق 1972، التقرير - قصص- عن اتحاد الكتاب العرب- دمشق 1974، أحزان الرماد - رواية - بيروت 1975، الصراط- مسرحية عن اتحاد الكتاب العرب- دمشق 1976، سبعة أصوات خشنة - مسرحيات - عن وزارة الثقافة والإرشاد القومي- دمشق 1979، سهرة ديمقراطية على الخشبة - مسرحيتان - دمشق 1979، موت الحلزون- مسرحية - دمشق 1976، الأعشاب السوداء - قصص- دمشق 1980، هذا النهر المجنون - مسرحية - دمشق 1980، الحنظل الأليف - رواية - دمشق 1980، عن قتل العصافير - مسرحيتان - دمشق 1981، أوديب - مسرحية- ليبيا- 1981، يا..شجر يا.. - قصص- ليبيا- 1981، زهرة الصندل - رواية - دمشق 1981، بيت الخلد - رواية - دمشق 1982، خان الجمر - رواية - دمشق 1985، باب الجمر - رواية - دمشق 1985.