"من المصائب العظمى التى نزلت بالمسلمين منذ العصور الأولى انتشار الأحاديث الضعيفة والموضوعة بينهم، وقد أدى انتشارها إلى مفاسد كثيرة، منها ما هو من الأمور الاعتقادية الغيبية، ومنها ما هو من الأمور التشريعية"، هكذا وصف الإمام الألبانى احتواء عدد من كتب السنن ورواية الأحاديث على الأحاديث الموضوعة.
ومن بين أشهر تلك الكتب التى احتوت للأحاديث المنكرة والموضوعة المنسوبة زورا للنبى محمد (صلى الله عليه وسلم)، كتاب سنن ابن ماجه، والذى يعد سادس الكتب الستة التى هى أصول السنة النبوية المشرفة، حيث يحتوى الكتاب على الصحيح، والحسن، والضعيف من الأحاديث النبوية، بل حتى المنكر والموضوع، إلا أن البعض يذكر أن الأحاديث الموضوعة قليلة بالنسبة إلى جملة أحاديث الكتاب، التى تزيد عن 4000 حديث.
وتمر اليوم الذكرى ال1133، على وفاة الإمام محمد بن ماجة، إذ رحل فى 19 فبراير عام 887م، وهو محدث ومفسر ومؤرخ مسلم، وأحد الأئمة فى علم الحديث.
لكن ما السبب الذى جعل الإمام ابن ماجه ذكر تلك الأحاديث الموضوعة والمنكرة، وهل اغفل بذكرها أم قصد ذلك؟، بحسب دراسة للدكتور عبد العزيز بوشعيب العسراوى، بعنوان "أحاديث موضوعة فى سنن ابن ماجه"، فإن ابن ماجه لم يلتزم بإخراج الصحيح أو الحسن من الأحاديث النبوية فى سننه شأنه شأن غيره من أصحاب السنن، وهو ما جعله يدخل الأحاديث الواهية والموضوعة، واستشهد بقول الإمام الذهبى: "قد كان ابن ماجه صدوقا حافظا للعلم، وإنما غض من رتبة سننه ما فى الكتاب من المناكير وقليل الموضوعات".
وأوضح الباحث أن ابن ماجة روى الأحاديث بأسانيدها، وبذلك خرج من العهدة، فقد شاع بين علماء الحديث قولهم: "من أسند لك فقد أحالك"، وقال ابن عبد البر: "من أسند لك فقد أحالك على البحث عن أحوال من سماه لك، ومن أرسل من الأئمة حديثا، مع علمه ودينه وثقته، فقد قطع لك على صحته، وكفاك النظر".
ويرى الدكتور الشريف حاتم بن ارف العونى في كتابه " دراسة منهجية لسنن النسائى وابن ماجه" أن سبب ذكر الأحاديث الموضوعة لنهى الناس عنها، كما أننا من خلال ذكر الأحاديث الضعيفة نستطيع من خلال الأسانيد أن نحكم على باقية الأحاديث ومدى صحتها أو ضعفها، أوضح أن الإمام ابن ماجة كان يعتنى بأحاديث الأحكام وأدلة الفروع الفقهية ولا يتقيد بالصحة أو الحسن أو الضعف بل توسع في ذلك في محاولة للوصول إلى كل الأحاديث الدالة على الأمور الفقهية الدقيقة.