لعل بناء الإنسان المصرى، وإعداد قيادات وطنية بارزة، أحد أهم التحديات التى توجها الدولة المصرية فى الآونة الأخيرة، وأصبح الوضع الدولى وما تشهده المنطقة من معارك وحروب من جماعات وميليشيات إرهابية ومرتزقة تطلب تضافر جهود مؤسسات الدولة من أجل شخصية وطنية قادرة على مواجهة الأزمات الدولية والمحلية.
ولعل من الكتب التي تناولت موضوع بناء الإنسان المصرى، كان كتاب "الشخصية الوطنية المصرية: قراءة جديدة لتاريخ مصر" للدكتور طاهر عبد الحكيم، الصادر فى طبعة جديدة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة.
ويتكون الكتاب من قسمين يتضمن الأول (الشخصية المصرية فى ظل الدولة المركزية" خمسة فصول الأول يتحدث عن نمط الإنتاج المصرى والآسيوى، والثانى يتحدث عن نشأة الدولة المركزية وميلاد الاستبداد، ويتطرق الثالث للحديث عن الثورة الوطنية المسيحية، والرابع يتطرق لموضوع الإسلام والتعريب، أما الخامس فيتناول موضوع أفول الدولة المركزية.
بينما يتضمن القسم الثانى من الكتاب والذى جاء تحت عنوان "الشخصيات الوطنية في ظل الملكية الخاصة" خمسة فصول أيضا، الأول يتحدث عن ظهور الملكية الخاصة وأثره على الفكر، والثانى يتناول فترة الاحتلال البريطانى لمصر، والثالث تطرق لحكم مصر تحت قيادة كبار الملاك، أما الرابع فتناول المسألة القومية فى الفكر الاجتماعى، بينما الخامس والأخير فتحدث عن الثورة الوطنية المصرية بقيادة كبار الملاك.
ويرى الباحث جمال الدين طاهر، أن المؤلف قام بتحليل مسار النضال القومى المصرى نجده ينقسم إلى حقبتين مختلفتين اختلافاً كيفياً، الحقبة الأولى: هى تلك الحقبة التى كان النضال القومى فى أثنائها يدور فى إطار نظام اجتماعى قِوامه احتكار الدولة المركزية لوسائل الإنتاج وممارستها أتوقراطية مطلقة تبررها ثيولوجية، والحقبة الثانية هى تلك التى اتجه فيها النضال القومى لإنهاء احتكار الدولة المركزية لملكية وسائل الإنتاج ولإقرار مبدأ الملكية الفردية، وإرساء نظام سياسي ليبرالي، وتشكيل ثقافة علمانية، وفى ضوء هذا التقسيم فإنه يصبح من الممكن اكتشاف نقطة البدء الحقيقية لتاريخ مصر المعاصر.
ويناقش المؤلف ما دأب عليه معظم الباحثين المعاصرين من وصف الفلاح المصرى بالخنوع والسلبية، ويؤكد أنه لما كان هذا الفلاح يشكل تاريخياً الجسد الرئيسي لشعب مصر، فإن هذا الحكم ينسحب بالضرورة على مجمل الشخصية الوطنية المصرية، ويصل إلى أن المصرى عبر التاريخ لم يستطع أبداً أن يعيش حياة فردية، القرية هى دائماً عالمه، حيث يعمل عملاً جماعياً ويعيش حياة جماعية.