نواصل قراءة التاريخ العربى قبل الإسلام مع المفكر العربى الكبير جواد على (1907- 1987) وذلك من خلال كتابه المهم "المفصل فى تاريخ العرب) ونتوقف عن قوم (أميم).
يقول جواد على "وجعل الأخباريون "أميمًا" فى طبقة طسم وجديس، وقالوا إنهم من نسل "لاوذ بن عمليق"، أو "لوذ بن بن نوح"، أو ما شابه ذلك من شجرات نسب. وكان من شعوبهم على زعم أهل الأخبار "وبار بن أميم"، نزلوا برمل "عالج" بين اليمامة والشحر، وانهارت عليهم الرمال فأهلكتهم.
ويزعم أهل الأخبار أن ديار "أميم" كانت بأرض فارس، ولذلك زعم بعض نسّابة الفرس أنهم من "أميم"، وأن "كيومرت" الذى ينسبون إليه هو ابن أميم بن لاوذ ولا نعرف من أمر أميم شيئا غير هذه النتف، ولم يذكر الأخباريون كيف عدّوهم من طبقة العرب الأولى إذا كانت ديارهم بأرض فارس، ولم يشرحوا لنا كذلك كيف وصلوا نسب "وبار" بأميم، وما العلاقة بينهما.
وقد ذكر الهمدانى أن وبار هو شقيق "كيومرت" ويقال "جيومرت"، وقد أولدهما "أميم" وبوبار عرفت أرض "وبار"، وهى أرض أميم.
وجاء فى جغرفيا "بطلميوس" اسم شعب عربى دُعِى "lobaritai" "jobaritae" "jobabitae"، على أنه من شعوب العربية الجنوبية، ويسكن على مقربة من أرض قبيلة أخرى دعاها sachalitae، وتقطن عند خليج يدعى باسمها "sinus sachalits"، وهذا الاسم قريب جدًّا من اسم "وبار"، لذلك ذهب المستشرقون إلى أن "jobaritae"، وهو شعب وبار أو "بنو وبار". غير أن هنالك عددًا من العلماء يرون أن الاسم الأصلى الذى ورد فى جغرافيا بطلميوس هو "يوباب"، غير أن النساخ قد أخطئوا فى النسخ فحرفوا حرف الباء "b"، الثانى فى هذا الاسم وصيّروه راء "R"، فصار الاسم بعد هذا الحريف "jobabitae"5. فالشعب الذى قصده بطلميوس -على حد قول هؤلاء- هو "يوباب" أو يباب"، إلا أنه لا يوجد هنالك دليل قوى يثبت حدوث هذا التحريف.
وفى موضع ليس ببعيد عن هذا المكان الذى ذكره بطلميوس تقع أرض وبار الشهيرة، وهى بين رمال يبرين واليمن "ما بين نجران وحضرموت وما بين مهرة والشحر"، أو ما بين الشحر إلى تخوم صنعاء، وقيل: "قرية وبار كانت لبنى وبار، وبين رمال بنى سعد وبين الشحر ومهرة"، والنسبة إليها.