كانت نكسة يونيو 1967، بمثابة الصدمة التي هزت المجتمع المصرى، وهدمت العديد من الأحلام التي بنتها الشخصية المصرية، وكانت الانتكاسة التي دمرت حلم الوحدة العربية، وقضت على أحلام الشعب العربى، وكانت سببا في اليأس الذى طال العديد من الأدباء المصريين والعرب، وعبروا عن ذلك من خلال أعمالهم، ولعل من أشهر تلك الأعمال رواية "العودة إلى المنفى" للروائى أبو المعاطى أبو النجا.
صدرت الطبعة الأولى لرواية العودة الى المنفى" فى عام 1969، وجاءت في المرتبة السابعة والثلاثين ضمن قائمة أفضل 100 رواية عربية، الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب ونشرت في العدد 426 من جريدة أخبار الأدب الصادر بيوم الأحد 9 سبتمبر 2001.
ونشرت الرواية فى فترة عصيبة من تاريخ مصر أعقبت هزيمة 67 وتشابهت فى ظروفها وملابساتها بتلك المرحلة التى تلت الثورة العرابية والاحتلال البريطانى لمصر، إذ تحول حلم الثورة وأمالها الى كابوس ولغز اختلف الناس فى تفسيره بحثاً عن طريق للنور، وانطلاقاً من حسه الوطنى.
واتخذ الكاتب من حياة خطيب الثورة العرابية موضوعاً لروايته، حيث استدعى شخصية "عبد الله النديم" الذي عاد من منفاه بفلسطين فى مثل تلك الظروف الى منفى جديد فى وطن مستعبد يأسر أهله جراح الهزيمة.
فى رواية "العودة إلى المنفى"، قام البطل المقاوم عبد الله النديم بمهمة تثوير الجماهير، وتسيسها، وتطوير أفكارها، من خلال "الطائف" الجريدة الشعبية التي أصبحت الجريدة الرسمية للثورة، ونادى بضرورة قيام قادة الثورة بالحسم وعدم التردد مع أعدائهم في الداخل أو الخارج. إذ يتساءل: "ترى هل جاء الوقت ليقف هؤلاء الرجال على أرجلهم، مُنتصبين في وجه الشمس؟ ترى هل جاء عصر الحشود الكبيرة، العامة؟".
ونادى أيضا بأن "الجنة للشهداء، ومصر للمصريين، مصر التي حلم بها دائما، وأثارها فى أحلامهم: مصر بلا ديون، وبلا سخرة، وبلا ضرائب ظالمة، ومصر الجيش للجنود، ومصر الأرض للفلاحين، ومصر الوظائف والإدارات للمتعلمين، ومصر المدارس والمصانع للأطفال والشباب، ومصر الحرية والكرامة للجميع".
وأبو المعاطى أبو النجا، هو روائي مصري تعلم في المعهد الديني، الزقازيق، ثم دخل كلية دار العلوم، جامعة القاهرة، عُيِّن رئيس تحرير مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وكان عضو اتحاد كتاب مصر، والاتحاد الاشتراكي العربي، صدر له عدد من المجموعات القصصية هي: " فتاة المدينة، ابتسامة غامضة، الناس والحب، مهمة غير عادية، الجميع يربحون الجائزة"، ومن رواياته: " العودة إلى المنفى، ضد مجهول".