كان اللقاء فى جامعة القاهرة، وجاء ضمن لقاءات الرئيس جمال عبدالناصر مع «قوى الشعب العاملة»، بعد طرحه برنامج «30 مارس 1968»، وهو البرنامج الذى كان وثيقة للإصلاح السياسى استجابة لمظاهرات طلاب الجامعات والعمال خلال شهر فبراير 1968، وبالرغم من أن المظاهرات كانت احتجاجا على ضعف الأحكام الصادرة ضد قادة الطيران المتهمين بالتقصير الذى أدى إلى نكسة 5 يونيو 1967، إلا أن المتظاهرين طالبوا بالإصلاح السياسى، فرد عبدالناصر على ذلك ببرنامجه، وأجرى لقاءات جماهيرية عديدة لشرحه قبل الاستفتاء عليه يوم 2 مايو 1968، وجاء لقاء جامعة القاهرة فى مثل هذا اليوم «25 إبريل 1968»، وحضره «1700 طالب» و«1100 أستاذ وعضو هيئة تدريس» و«1000 خريج»، وذلك طبقا لخطاب عبدالناصر فى اللقاء.
تناول «عبدالناصر» أمام هذا الحشد قضايا كثيرة، لكن ما يلفت النظر فيها هو رؤيته للمثقفين ودورهم، وللطلاب ومظاهراتهم وعلاقتهم بالعمل السياسى، وفى تعريفه للمثقف قال: «هو كل من يفتح ذهنيا ويعطى للمجتمع نتاج عقله وفكره سواء كان مهندسا فى الصحراء، أو عالما فى الذرة أو عاملاً نقابيا أو كاتبا أو طبيبا أو باحثا أو فنانا أو أستاذا أو طالباً» و«المثقفون قوة موزعة على جميع الطبقات بل هى طليعة كل الطبقات، فيه الفلاح المثقف، والعامل المثقف، والفنى المثقف، يعنى إيه المثقف؟، المثقف هو الذى يفكر فى أحوال المجتمع ككل، يفكر بأى صورة من الصور فى المجتمع، بصرف النظر عن تفكيره، قد يكون تفكيره يمينيا وقد يكون تفكيره يساريا، وقد يكون تفكيره رجعيا، قد يكون تفكيره تقدميا، ولكن هو يفكر بالنسبة للمجتمع على هذا الأساس، نفهم المثقف ونقول إنه هو الشخص الذى تتجاوز اهتماماته حدود مصلحته الخاصة».
وأضاف: «فيه تصور بيقول إن المثقف هو موقف العزلة عن الحياة، والابتعاد عن المجتمع، ده مش ممكن يكون مثقفا، ممكن نقول عليه إن واحدا تعلم وأخذ شهادات كبيرة ووصل إلى أرقى الشهادات، ولكن انعزل عن مجتمعه، مبيحسش بإحساس مجتمعه بيفكر بس فى نفسه، وعلى هذا الأساس بيكون انعزل».
أما حديثه عن الطلبة ودروهم، فسنجد فيه إشارته إلى أن رئيس اتحاد طلاب جامعة القاهرة دعاه إلى اجتماع مع الطلبة، ووافق لكنه طلب أن يكون بعد الاستفتاء «لسبب أنه أنا لسه رايح أتكلم فى القوات المسلحة، ورايح أتكلم مع العمال يوم أول مايو، وإحنا النهاردة 25 إبريل، وأنا طبعا أما بأتكلم بأجهز وأرتب، ودى بتأخذ وقت منى»، وأضاف: «إخوانا رؤساء الاتحادات، اتحادات الطلبة، وأنا جاى سلمت عليهم، ويجولى بكرة الساعة ثمانية فى البيت عندى ونتفق على الموعد، وأنا مستعد أروح جامعة عين شمس، وجامعة الإسكندرية، والأزهر، والقاهرة، وأروح كل الجامعات ونلتقى»، و«اللى بدى أقوله إن اشتراك الطلبة فى العمل السياسى أمر مطلوب ومرغوب فيه، لأنهم أصحاب المستقبل، يمكن كان فيه خوف أن قوى مضادة أو قوى معادية تتسلل فى وسط الطلبة، أنا سمعت النهاردة من رئيس اتحاد طلبة جامعة القاهرة بيقول عايز يرفع الوصاية، ليه، أقول لكم إيه، أنا بأعتقد أن بالممارسة كل واحد هيبان على حقيقته، وبالممارسة والتجربة، وأنا بأقول إن الطلبة هم أولادنا وإخواتنا، ولا يمكن إن إحنا نتصادم معاهم، وزى ما قلت لكم فى الأول ما هياش قوة تخيف الثورة، بالعكس دى قوة تدعم الثورة».
أضاف عبدالناصر: «أنا موافق على إنكم كطلبة لازم تقوموا بالدور السياسى، وتشتركوا فى العمل السياسى على أساس إنكم أصحاب المستقبل ولكن هذا يستدعى إيه؟، يستدعى حرصا شديدا وعدم انفعال، وأن يكون كل واحد علمى فى تفكيره وتحليله للأمور، وأنا بقول إن فى المظاهرات الأخيرة أثبت الشباب أن عنده وعيا وطلع وتظاهر، وتكلم فى مصلحة وطنه وعندما حس الشباب بأن هناك قوى تحاول استغلال هذا التظاهر، كان هو الذى حصر حركته داخل الجامعات، بدى أقول حاجة أخرى حس القلق وعدم الرضا خصوصا فى الظروف اللى إحنا بنمر فيها، ظاهرة صحية تعبير عن الحيوية، ويجب أن نفرق بين عدم الرضا وبين العداء، يوم يرضى المرء يتخلف، عدم الرضا حافز وقوة محركة».