آثار الدكتور يوسف زيدان الجدل مؤخرا بعدما صرح في إحدى لقاءاته التليفزيونية، بأنه قبل المؤرخ ابن خلدون لم يكن هناك تاريخ للعرب المسلمين، وهو أول من قال علينا إعمال العقل، وهو أستاذ المؤرخ الكبير تقي الدين المقريزي، وهناك رحالة كتبوا تجاربهم، ولكن التاريخ كعلم ومعرفة لم يكن هناك معرفة حقيقية.
وتمر هذا الأيام الذكرى الـ614، على رحيل العالم المسلم والمؤرخ الشهير ابن خلدون، إذ رحل في مارس عام 1406، عن عمر يناهز 74 عاما، وهو أحد المؤرخين الأوائل ويعتقد العديد من الباحثين أن العالم الراحل أول من حاول كتابة تاريخ الحضارة بمعناها الشامل، وأنه دعا إلى استخدام العقل في دراسة التاريخ.
وبحسب كتاب "المفصل في فلسفة التاريخ (دراسة تحليلية في فلسفة التاريخ التأملية والنقدية)" للدكتور هاشم يحيى الملاح، فأن الباحثين رأوا أن ابن خلدون يتفوق بنظرته هذه على جميع المؤرخين الذين سبقوه في الشرق والغرب، بوجه عام وعلى جميع الذين أتوا بعده خلال أربعة قرون على أقل تقدير، ومن المعروف أن هذه النظرة الشاملة والمتوسعة في موضوع التاريخ، من النظرات الخاصة باسم ما يسمى عادة "تاريخ الحضارة"، وهذا ما حدا ببعض الباحثين إلى أن يعتبروا ابن خلدون أول من حاول كتابة تاريخ الحضارة بمعناها الشامل.
ويرى المفكر السورى ساطع الحصرى، في كتابه "دراسات عن مقدمة ابن خلدون"، فأن المؤرخ المسلم الراحل يتفوق في نظرته التاريخية والعالمية على جميع المؤرخين الذين سبقوه في الشرق والغرب، بوجه عام، وعلى جميع الذين أتوا بعده خلال أربعة قرون على أقل تقدير.
وفى كتابه "الرحلة إلى الإسلام" يوضح محمد سعيد دباس، أن ابن خلدون صاحب أول محاولة لاكتشاف أن القوانين التي تحكم دورات التاريخ، وأن قيام الحضارات وسقوطها، وأن كتابة التاريخ يجب أن تتم بعد تقديم مصادر تراثية إلى تفحص محايد، نقد شكوك، وقد قاد هذه الأسلوب ابن خلدون إلى دراسة التفاعل بين المناخ والسلوك، وبين التخصص المدنى والسمات الحضارية.
ويوضح كتاب "منهجية ابن خلدون في تدوين السيرة النبوية وتفسيرها" تأليف سالمة محمود محمد عبد القادر، فأن ابن خلدون تنبه وهو يقرأ للمؤرخين الكبار كالطبرى وابن إسحاق وغيرهما من العلماء والمحدثين إلى أهمية عملية الجرح والتعديل الخاصة بتدوين الحديث والسيرة النبوية، واعتماد الطريقة نفسها في التعامل مع سلسلة رواة الاخبار التاريخية في الإشارة إلى الخبر ومصدره لدى من سبقه من المؤرخين، ولعل إشارة إلى ذلك محاولة الطبرى تبرئة ساحته مما قد يكون في الخبر من كذب أو لا معقولية، وهذا الأمر دفع ابن خلدون إلى الاعتقاد بأن هذه الطريقى مع أهميتها غير كافية في عملية التدوين التاريخى، فهى تفيد فقط للاخبار الشرعية باعتبارها تكاليف إنشائية أوجب الشارع العمل بها متى حصل الظن بصدقها، وسبيل صحة الظن، الثقة بالرواة بالعدالة والضبط، أما الاخبار التاريخية فلا بد وفى أحسن الوجوه اوثقها من وجة نظر ابن خلدون، من تمحيص الأخبار وتمييز صدقها من كذبها، وهو سابق على التمحيص بتعديل الرواة.