صدرت رواية "اللاز" للكاتب الجزائري الطاهر وطار في سنة 1974 وتعد واحدة من أشهر الروايات العربية واختارها اتحاد الكتاب العرب ضمن أفضل 100 رواية عربية صدرت حتى نهاية القرن العشرين.
كتب عنها "أناس الكنوني" يقول:
من خلال ملاحظة غلاف رواية "اللاز" للكاتب الجزائري الطاهر وطار والوقوف عند غموض عنوانها، تبعث في ذهنك عدة تساؤلات، التي سرعان ما تدفعك إلى قراءة هذه الرواية رغبة في معرفة ماذا تعني كلمة "اللاز"؟ ومن خلال اطلاعنا على أول صفحات الرواية، سيتضح لنا أن "اللاز" اسم لشخصية من شخصيات الرواية، وسيتبادر إلى ذهنا أنها شخصية البطل كون أن الكاتب اختارها عنوانا لروايته، وبلا شك أن هذا العنوان يحمل في طياته دلالات عديدة ومعاني كثيرة، وهذا ما سنكتشفه كلما تعقنا في قراءة الرواية، ف"اللاز" تعني البطل باللغة المجازية، في حين تعني اللقيط عند العامة ممن يحتقرون اللاز، فحديث الكاتب عن شخصية "اللاز" في بداية الرواية جاء على لسان أهل قريته الذين يمقتونه، موضحا أسباب كره أهل القرية له عن طريق وصفه لنا حياة اللاز، بادئا من مراحل طفولته اللعينة التي عاشها مع أمه دون أن يعرف من هو أبوه بداية، فذاقت أمه على يده الويلات، وحتى أهل القرية لم يسلموا من مصائبه، لينتقل اللاز فيما بعد للعمل مع ضابط عسكري للفرنسيين، لكن سرعان ما يتعرض اللاز للاعتقال إثر وشاية به من طرف أحد الخونة، كونه كان ينتمي إلى الإخوان المجاهدين الذين يهربون العسكر من المخيم إلى الجبل، عند اعتقاله ظل أغلبية أهل القرية يمقتونه ويتمنون في قرارة أنفسهم أن يعدم، كونهم قد تربت لهم خلفية أن اللاز رمز للمصائب والويلات، لأنه كان يخفي جانبه الثوري مع الإخوان، وكذلك لارتباطه بأعمال التهريب والمقاومة والجهاد في سرية تامة ضد المستعمر الفرنسي.
فاللاز هو الشخصية المحورية التي تدور عنها أحداث الرواية، وبهذا فهو يمثل شخصية البطل في الرواية، ومن خلال تتبع أحداث الرواية نلاحظ تطور الأحداث بعد القبض على اللاز، لتأخذ الأحداث بعد ذلك أبعاد عديدة، وتكشف عن شخصيات عديدة مرتبطة باللاز، شخصيات مؤيدة للاز ومرتبطة معه عن طريق النضال وتأييد أفكار الثورة الجزائرية التي تتمثل في مقاومة المستعمر الفرنسي، وشخصيات خائنة مؤيدة للمستعمر الفرنسي، تكره اللاز وتتمنى موته، وهدفها الوشاية بالمقاومين ليتم إلقاء القبض عليهم وإفشال مخططاتهم الجهادية.
اللاز هذا رجل ثورة بامتياز، حولته ظروف الحياة من عربيد إلى رمز للمقاومة والثورة الجزائرية والصمود في وجه الأعداء، حين تم القبض عليه، أرسل اللاز رسالة مشفرة لقدور حين كان يقتاده العسكر أمام دكانه، قدور أحس بالخطر وفر من القرية لينضم إلى رفاقه بالقرية، وبعدما يضيق الحصار عليهم يفرون إلى الجبل ليستعدوا مجددا للجهاد والمقاومة، فيلتقي قدور بمجموعة من الإخوان المجاهدين، الذين جلهم من الطبقة الفقيرة، ومن معارفه بالمدينة، والذين كانوا يعملون في سرية تامة دون أن يدري بعضهم من الخلية ببعض، اللاز كان واحدا منهم، وكان الكثير منهم لا يعرفون بذلك، زيدان هو أول من عرف بذلك، لأنه هو من قام باستقطابه إلى الخلية بعدما اعترف له بأنه أبوه، وبأن أمه اسمها مريم وليس مريانه، وأنه فر مع ابنة عمه من القرية قبل عدة سنوات حين كان عمره 18 سنة، وتزوج بها ليفرق بينهما الأهل والأقارب.
كان اللاز يعتقد في قرارة نفسه لمدة طويلة أنه ليس له أب، إلى التقى بأبيه واعترف له بحبه له، فكانت فرحة اللاز بأبيه لا تصدق، وحمو صار عم للاز الذي طالما اعتبره مجرد لقيط، وبهذا صار اللاز من أهل زيدان، وطيلة فترة معاناة اللاز في معتقل الجنود الفرنسيين، كان الكل يفكر فيه وينتظر عودته بصبر، وكان اللاز طيلة فترة غيابه حكاية كل الألسن وبطل الثورة الجزائرية، كيف تحول اللاز في فترة من لقيط إلى بطل في أعينهم؟ فالأبطال تلدهم شجاعتهم وإيمانهم بالحرية والانتصار والنجاح دون الخنوع والخضوع لأي سلطة كلامية أو عسكرية تريد الإطاحة بإيمانهم.