نقرأ من كتاب "الخصوصية: مقدمة قصيرة جدًّا" لـ بريموند واكس، ترجمة ياسر حسن مراجعة هاني فتحي سليمان، والذي صدرت ترجمته عن مؤسسة هنداوي.
إن قضية الخصوصية من القضايا الشائكة، خصوصًا في عصر السموات المفتوحة والانفجار المعلوماتي، لقد تغيرت الطريقة التي يجري بها جمع المعلومات وحفظها وتبادلها واستخدامها إلى الأبد؛ وتغيرت معها طبيعة التهديدات التي تتعرض لها الخصوصية الفردية، وأصبحت الثورة التكنولوجية تمسُّ كل جانب من جوانب حياتنا، وهذا يفرض تحديات جديدة على الخصوصية. ولا يمكننا أن نتَّهم التكنولوجيا بقدر ما نتهم التطبيقات التي تُستخدم فيها وطريقة استخدامنا لها. وبرايموند واكس خبير دولي رائد في مجال الخصوصية لأكثر من ثلاثة عقود، نشر واكس العديد من الكتب والمقالات عن هذا الموضوع الجدلي.
وهذا الكتاب الموجز يسلط الضوء على هذه القضية، ويتناول بالشرح والتحليل التوتر الحادث بين حرية التعبير والخصوصية؛ ذلك التوتر الذي أفرزه تطفل الصحافة والتصوير الفوتوغرافي والإفشاءات غير المبررة من جانب وسائل الإعلام لجوانب خاصة من حياة المشاهير. ويختتم المؤلف كتابه بتأمل مستقبل الخصوصية في مجتمعاتنا المعاصرة.
يقول الكتاب:
مع ذلك فمن وجهة نظر الكثيرين من دعاة الخصوصية ما تزال الخصوصية حية وتتنفس، ولكنها بحاجة إلى تجديد عاجل، فما تزال مجموعات مثل منظمة الخصوصية الدولية، ومؤسسة الحدود الإلكترونية، ومركز معلومات الخصوصية الإلكترونية، ومجموعات أخرى متعددة، تخوض حملة منهكة ضد الغارات الشرسة التي تشنها أجهزة المراقبة، ولقد صارت الحملة صعبة للغاية منذ أحداث 11 سبتمبر 2001.
الأمثلة كثيرة ومتنوعة، فقد تصاعدت المخاوف في بداية عام 2009 من التعرض للمراقبة الشاملة طوال اليوم بواسطة كاميرات المراقبة التليفزيونية بعد التصريح بأنه من أجل ضمان الأمن في دورة الألعاب الأوليمبية المقامة في لندن عام 2012، استعانت الحكومة البريطانية بشركة الفضاء والدفاع الجوي الأوروبية، وهي شركة متخصصة في الأنظمة الدفاعية، لتطوير نظام يعرف باسم الشبكات البصرية الديناميكية، الذي سيسمح لغرفة تحكم مركزية تابعة للشرطة بالوصول عن بعد لأي شبكة كاميرات مراقبة تليفزيونية في لندن وإظهار المعلومات على شكل خريطة مفصلة ثلاثية الأبعاد، وسوف يتضمن النظام كاميرات تحديد أرقام لوحات السيارات إلى جانب الشبكات الخاصة، كالشبكات التي تعمل في مراكز التسوق ومواقف السيارات، مما يسهل عملية تتبع المشتبه بهم في أرجاء المدينة كافة، وسوف تساعد أنظمة الذكاء الصناعي المتقدمة رجال الشرطة من خلال تصفية تلقيمات كاميرات المراقبة التليفزيونية الواردة إلى غرفة التحكم واستبعاد غير ذي الصلة منها، وبذلك تقلل من الوقت الذي يستهلك عادة في التنقل بين كاميرا وأخرى.
ويتركز القلق المتولد عن أنظمة كهذه على المخاطر التي تشكلها على الخصوصية من خلال الأشكال المتنوعة للمراقبة الإلكترونية وبقية أشكال المراقبة والانتهاكات التي ناقشناها في الفصل الأول، ولكن هناك أيضًا ذلك الهجوم المقلق بنفس القدر الذي تتأجج ناره دومًا بواسطة وسائل الإعلام الساعية وراء الشائعات المثيرة التي ناقشناها في الفصل الرابع، وكلا الأمرين يستحق بعض التعليقات الختامية الموجزة.