نواصل مع المفكر العربي الكبير جواد على (1907- 1987) قراءة التاريخ العربي قبل الإسلام من خلال كتابه المهم "المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام" الذى صدر عام 1969 وفيه يتحدث عن "دلمون".
يقول "جواد على" يوجد موضع آخر ورد فى النصوص "الأكدية" و"السومرية" و"الآشورية"، هو موضع "نى، تك" "Ni–Tuk" "Ni–Tuk–Ki" وهو "دلمون" "Dilmun" أو "تلمون" Tilmum"، وقد اشتهر بتمره وخشبه ومعادنه مثل النحاس والبرونز، وكانت فيه مملكة يرأسها ملوك.
وقد رأينا أن "جوديا" "Gudea" كان قد أشار إليه وإلى موضع "مجان"، وقد ذكر أنه استورد الخشب منه، كما رأينا اسم هذا المكان فى ضمن الأماكن المذكورة فى نص "سرجون"، وقد ورد أيضا فى نص للملك "آشور بانبال"، وفى نص للملك "سنحاريب" "سنحريب"، وقد ذكر هذا الملك أنه بعد أن تمكن من "بابل" ودكَّها دكًّا، عزم على ضم "دلمون" إلى مملكته، فأرسل وفدًا إلى ملكها يخبره أمرًا من أمرين: إما الخضوع لـ"آشور" وإما الخراب والدمار؛ فوافق ملك الجزيرة على الاعتراف بسيادة "سنحاريب" عليه، وأرسل إليه بجزية ثمينة، وكذلك كانت هذه الجزيرة فى عداد الأرضين التى خضعت لـ"آشور بانبال".
ويظهر من النصوص أن "دلمون" كانت جزيرة تتمتع بقدسية خاصة، فكانت تعد من الأماكن المقدسة، وقد رُويت عنها أساطير دينية، وعبدت فيها آلهة تعبد لها أهل العراق، مما يدل على الاتصال الثقافى المتين الذى كان بين العراق والبحرين، ووجد اسم الإله "إنزاك" فى كتابة عثر عليها فى البحرين، وتشير أسطورة "أنكى" وزوجه "ننخرساك" وملحمة "كلكمش" "جلجامش" "جلجمش"، وأسطورة "أرض الحياة" وغير ذلك من القصص الشعبى، إلى هذا الاتصال الطبيعى الذى كان بين جنوب العراق والعروض.
وذكر "هومل" أن من كبار آلهة "دلمون": "لخامو" "لخامون"، وهو إلهة أنثى، وأشار أيضا إلى نص أرخ فى السنة السابعة من سنى "فيلبس" "Philippus" "فيلفوس" وتقابل سنة "317 ق. م."، وهو نص "بابلى" ورد فيه اسم أرض دُعيت "برديسو" "Pardesu"، وتقابل هذه الكلمة كلمة "pildash"2 "Pardes" بالعبرانية و"فردوس" بالعربية، وتقع فى معبد من حضارة ديلمون "3000 ق.م."