أوصى قبل موته أن توضح على قبره لافته "مات المهرج، أضحكوا"، إنه الفليسوف والكاتب والممثل المسرحى الإيطالى داريو فو، إذا ولد في مثل هذا اليوم 24 مارس من عام 1926م، وحاز على جائزة نوبل للأدب في عام 1997م، حيث يعد من أعمدة المسرح الإيطالي لا سيما في مجال التمثيل الكوميدي والمسرح السياسي الذي اشتهر على نطاق شعبي واسع، وقد اشتهر عالميا عام 1969 بفضل كتابه ميستيرو بوفو (ألغاز الكوميديا) وهو ملحمة عن المضطهدين مستوحاة من ثقافة القرون الوسطى يعلم فيها البطل وهو بهلواني الثورة من خلال الضحك.
وتعد أعمال داريو فو الأكثر رواجا في العالم فكتب حوالي 300 إنتاج مسرحي لمسرحياته الساخرة، التي من خلالها أصبح مناضلا سياسيا والتي بدأت منذ 1950م ضد كل القضايا الساخنة في بلده، وهو يقود المعارك ضد دولته والبوليس والرقابة والتلفزيون والفاتيكان والاحزاب اليمينية واليسارية كذلك.
ويقول داريو فو عن نقده الساخر : "انا لا زلت هنا لأزعج الجميع”، ومن أبرز تصريحات عندما توجه له السؤال في إحدى حواراته الصحفية لجريدة "الإكسبرس"، بأنه مجرد مهرج؟ رد قائلا : ـ بالتأكيد.مهرج! لاعب مشعوذ! بهلوان! انظر إلي جيداً. أنا آرلوكين! وجهي عبارة عن مجموعة تجاعيد غير متساوية ويخرج منها ما يشبه العينين. لدى ملامح الفلاح أو خادم، جدي المزارع والحكواتى الشهير في قريته، كان حكواتيا ساخرا ومتنقلا، وأنا صغير، كنت اركب كل صباح فوق عربته الخاصة لبيع الخضار. وكان يبدأ بسرد القصص والحكايات المضحكة التى يفخخها بالنكات الطنانة لجلب الزبائن. لقد علمني هو وبعض أصدقائه مثل بعض الحرفيين في الشارع الذين كانوا ينفخون الزجاج ويصنعون المراكب الصغيرة الخشبية الذين كانوا يتجمعون كل ليلة لسرد الحكايات الرائعة. كنت شديد التأثر بهم لدرجة انني كنت ابكي احيانا.
وكان داريو فو موقف عجيب لحظة استلامه جائزة نوبل حيث قام بتوزيع على أعضاء اللجنة الحكم رسوماً كاريكاتورية ساخرة رسمها ثم كتبت لهم هل تدركون فعلا، ماذا تفعلون؟ أنتم تتوجون على هذه الجائزة مجرد "بهلوان"، . وعلق على هذا الكلام قائلا : الضحك ثم الضحك. حين يولد طفل يحاول أهله أن يجعلوه بكل الأساليب وعبر القيام بحركات فى الوجه لماذا؟ لأنه حين يستجيب لهم ويضحك فهذا علامة أولى على ذكائه، عرف كيف يميز بين الصح والخطأ، بين الواقع والمتخيل، وبين حركة الوجه الساخرة أو المهددة. في كل هذا، يكون الطفل قد استطاع ان يرى القناع وما وراء القناع. الضحك يحرر الانسان من الخوف. كل التعتيم في الانظمة، وكل اساليب الدكتاتورية في العالم مبنية على الخوف اذا، هلموا لنضحك!