من كان منا لا يسأل: "وبعدين؟" فليرمه بحجر، من كان منا لا يخاف أن يأتي يوم ولا يجد فيه الواحد ما يأكله حتى لو امتلك ثمنه فليرمه بحجر، من كان منا لا يشعر في كل لحظة أن مستقبله مهدد وأبناؤه في خطر فليرمه بحجر، من كان من لم يتشكك في أن ظاهرة "كورونا" مسيسة وأننا أصبحنا ألعوبة في يد قوى عالمية كبرى فليرمه بحجر، من كان منا من لم يسأل نفسه لماذا قام العالم ولم يقعد بسبب فيروس كورونا التي أودت بحياة 30 ألف إنسان ولم يقم العالم ولم يقعد بسبب "الإسهال" الذي يودي بحياة أكثر من مليون ونصف المليون كل عام فليرمه بحجر.
أنا هنا لا استتر وراء قناع ولا أتصنع حيادية فارغة، أنا أدافع عن المهندس نجيب ساويرس ضد حملة شرسة تقودها "السوشيال ميديا" بعد حديثه مع الإعلامية المتألقة "لميس الحديدي" لأنه ببساطة عبر ببلاغة وعفوية عما أشعر به، فقد أباح بشعوره كمواطن يعاني من الانتظار في البيت خوفا من المرض فنال الجميع منه وكأنه حرام على "الملياردير" أن يشعر بالملل بينما تمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بالشكوى من الجلوس في البيت والسخرية من المواقف الجديدة التي يتعرض عليها الجميع، أبدى
"ساويرس" تخوفه من المستقبل القريب وبشر المجتمع المصري باحتمالية انهيار الاقتصاد فأصبح ذلك الرأسمالي المتعالي الذي لا يهمه شيء سوى حصد الأموال، دعا ساويرس إلى توخي أكبر قدر من الحذر وإلى إيجاد آلية فعالة لعدم انتشار العدوى بشرط عدم التسبب في شلل السوق المصرية، فصوره البعض كما لو كان يريد أن يموت الناس، توقع ساويرس أن يلجأ بعض رجال الأعمال إلى تسريح الكثير من الموظفين والعمال نظرا للركود المهول الذي يمر به السوق الآن، فصار كما لو كان "مفزعاتي" أو مصاص دماء، في حين أننا جميعا نعلم أن العمال في القطاع الخاص سيكونون أول الخاسرين من هذا الركود وإن تسريح العمالة هو الحل الأول لتخفيض النفقات؟
قدر كبير من سوء الفهم، وسوء التأويل، وإضمار الترصد والتصيد، كما لو كان الإدلاء بالرأي حلال للجميع وحرام على نجيب ساويرس، وكأن الـ100 مليون مصري لم يتساءلوا بنفس الأسئلة ولم يشعروا بنفس الشعور، وكأنه من الواجب أن يسير الجميع في القطيع، ولا يسمح لأحد أن يدلي بدلوه في أي شيء أو يتوقع أي شيء يتخوف من أي شيء.
نحن لم نعش في وباء من قبل ليكون لدينا "كتالوج" خاص للتعامل مع الأوبئة، ولهذا لا يدعي أحد أن أي إجراء تم تطبيقه على مستوى العالم هو الإجراء الوحيد الصحيح والباقي خطأ، حظر التجول على سبيل المثال له فوائد عظيمة أهمها إجبار الناس على اعتزال الشوارع التي تحمل الفيروس، لكنه أيضا يحمل الكثير من السلبيات أهمها تكديس زحام الأسواق في ساعات محددة وزيادة الضغط على المرافق العامة وأهمها وسائل النقل الجماعي، وهو أمر خشى منه الجميع وشكل تخوفا كبيرا لدى الجميع برغم الجهود الجبارة التي تقوم بها الدولة في هذا الشأن، نحن نأكل ونشرب من المخزون، فماذا لو امتد الحظر وتحول إلى "حجر" فمن سيطعم الناس؟ ومن سيعول أسرهم؟ ومن سيأتي إليهم بالطعام، وهل سيكون هناك طعام أصلا؟
قليل من قبول الآخر يريح الجميع