تمر اليوم الذكرى الـ 198، على إبعاد السيد عمر مكرم عن القاهرة إلى طنطا بأمر من محمد على باشا، الذى تخوف من نفوذ رجال الدين وشعبية نقيب الأشراف عمر مكرم، فقرر إبعاده إلى دمياط فى 9 أغسطس 1809، وأقام بها أربعة أعوام، ثم نقل إلى طنطا فى مثل هذا اليوم 5 أبريل 1822، حتى عاد إلى القاهرة التى توفى فيها عام 1822.
استمر عمر مكرم فى منفاه ما يقرب من 10 سنوات، وعندما حضر إلى القاهرة فى 9 من يناير 1819م ابتهج الشعب به ولم ينس زعامته له، وتقاطرت الوفود عليه، ورغم أنه جاء ليقضى الوقت حتى يأتى وقت الحج، لكنه بسبب وفود الناس عليه التزم بيته، حتى توفى.
الدكتور محمد ناصر قطبى في كتابه "تاريخ مصر عبر العصور - الجزء الثالث" يسرد قصة عودة السيد عمر مكرم إلى القاهرة وكيف وافق الوالى محمد على باشا على عودته، فبعد انتصار الباشا على الوهابيين فى الحجاز، وأرسل الشيخ عمر مكرم رسالة يهنئ فيها الوالى على انتصاره الكبير، فسعد محمد على بها ورد عليه فى رسالة قال فيها:
"إلى مظهر الشمائل سنيها، حميد الشئون وسميها سلالة بيت المجد الاكرم والدنا السيد عمر مكرم..
أما بعد فقد ورد الكتاب اللطيف من الجناب الشريف تهنئة بما أنعم الله علينا، وفرحا بمواهب تأييده لدينا، فكان ذلك مزيدا في السرور ومستديما لحمد الشكور ومجلبة لثنائكم وإعلانا نبيلا منكم، جزيتم حسن الثناء مع كمال الوفاء، ونيل المني".
ويبدو أن حامل الخطاب وهو نجل السيد عمر مكرم، حمل طلبا من والده إلى الباشا يأذنه في الخروج لحج بيت الله الحرام، فرد الباشا على هذا الطلب قائلا:
هذا وقد بلغنا نجكلم عن طلبكم الإذن في الحج إلى البيت الحرام وزيارة روضته عليه الصلاة والسلام للرغبة في ذلك والترجى لما هنالك، وقد أذناكم في هذا المرام تقربا لذى الجلال والإكرام ورجاء لدعواتكم بتلك المشاعر العظام فلا تدعو الإبتهال ولا الدعاء لنا بالقال والحال كما هو الظن في الظاهرين والمأمول من الأصفياء المقبولين، والواصل لكم جوابا منا إلى كتخدانا ولكم الإجلال والإحترام مع جزيل الشكر".
ويوضح مؤلف الكتاب سالف الذكر، أن محمد على عندما خاطب السيد عمر مكرم باعتباره والدا له، لعله أراد في ذلك أن يكفر عن خطيئته نحوه بعد نقله إلى دمياط وكان محمد على قبل ذلك وقد وافق السيد من دمياط إلى طنطا.
وبناء على الخطاب أيضا عاد عمر مكرم ليقيم في القاهرة حتى وقت الحج، فأقبلت عليه جموع المهنئين حتى ازدحمت بهم داره مرة أخرى، مما جعل عمر مكرم يلتزم جانب الحيطة فيعتكف عن مقابلة الناس، ولم تساعد عمر مكرم صحته على تحقيق رغبته في الحج، فظل ملازما بيته حتى مات فيه عام 1822.