تمر اليوم الذكرى الـ 221 على قيام الجنرال كليبر وقائد المماليك مراد بك بعقد اتفاق مصالحة في الصعيد يجعل حكم الإقليم في يد القائد المملوكى ويعطي له صلاحيات واسعة وحماية، فما هى الأسباب التى جعلت قائد الحملة الفرنسية يقدم على هذا الصلح؟
بحسب كتاب " الأمة في مواجهة الاستبداد" للكاتب السيد أبو داود، فإن كليبر عندما وصل إلى القاهرة بعد انتصاره على العثمانيين في أحد المعارك، وجد الثورة قد اشتدت، وامتد لهيبها إلى الوجه البحرى، منذ أن أخلى الفرنسيون مراكزهم المهمة في الدلتا، وبخاصة في دمياط وسمنود، فأرسل ثلاثة من قادته لإخضاع الوجه البحرى وانتظر عودتهم حتى يتمكن من التفرغ لأخماذ ثورة القاهرة.
ولما ازدادت الثورة اشتعالا وعجز كليبر عن إخمادها لجأ إلى علماء الأزهر يستعين بهم إيقاف الثورة، وقابل عددا من كبارهم في مقدمتهم الشيخ عبدالله الشرقاوى شيخ الجامع الأزهر، ومحمد المهدى، والسرسى، وعرض عليهم إنهاء الثورة إعطاء أهالى القاهرة أمانا وافيا شافيا، على أن يخرج ناصف باشا والجنود العثمانيين والمماليك من القاهرة، ويلحقوا بزملائهم من فلول جيش يوسف باشا الصدر الأعظم، غير أن مساعى الصلح تبددت أمام إصرار زعماء الثورة على الاستمرار في المقاومة.
ويوضح الكتاب أن كليبر لما ييأس فلجأ إلى الاتصال بمراد بك أحد زعماء المماليك، وتفاوض الاثنان على الصلح، وأبرمت بينهما معاهدة بمقتضاها أصبح مراد بك حاكما على الصعيد في مقابل يدفع مبلغا إلى الحكومة الفرنسية، وينتفع هو بدخل هذه الأقاليم، وتعهد كليبر بحمايته إذا تعرض لهجوم أعدائه عليه، وتعهد مراد بك من جانبه بتقديم النجدات اللازمة لمعاونة القوات الفرنسية إذا تعرضت لهجوم عدائى أيا كان نوعه، وكان هذا يعنى أن مراد فضل السيادة الفرنسية على السيادة العثمانية.
ولم يكتف مراد بك بمحاولته في إقناع زعماء الثورة في القاهرة بالسكينة والهدوء، بل قدم للفرنسيين المؤن والذخائر، وسلمهم العثمانيين اللاجئين له، وأرسل لهم سفنا محملة بالحطب والمواد المتلهبة لإحداث الحرائق في القاهرة.
لكن المؤلف عاد وأكد أن كل محاولات إيقاف الثورة فشلت، واستمر لأكثر من شهر، بعدما قاد السيد عمر مكرم الثورة، والتف حوله الشعب، وأصبح رمزا للصمود والمقاومة.