مع تزايد مخاطر الإصابة بفيروس "كورونا: كوفيد 19"، أصبح البعض يمنى نفسه بأن يحد فصل الصيف من انتشار الفيروس التاجى، حيث إن موسم الإنفلونزا يتلاشى بشكل عام في شهري مارس وأبريل، مع اقتراب موسم الصيف، فهل يقضي الصيف على فيروس كورونا الجديد؟، فمن غير المعلوم حتى اللحظة إذا ما كان كورونا سيتبع خطى الإنفلونزا ويتلاشى مع قدوم الربيع ثم الصيف، والعديد من العلماء أشاروا إلى أنه من المبكر التكهن بخطورة كورونا في الطقس الحار.
يبدو التعامل مع كورونا مثلما كان يتبع مع الفيروسات التاجية، جاء نتيجة التعامل الطويل مع مثل هذه الفيروسات، وعلى مدار تاريخ المسلمين، كانت هناك العديد من الأوبئة والأمراض التى ضربت الممالك الإسلامية، وكان ذلك خلال أيام الربيع، بينما تتراجع وتختفى أحيانا مع حلول فصل الصيف.
يقول هذا المؤرخ إبن إياس في طاعون سنة 919هـ: "فلما نقلت الشمس إلى برج الحمل ظهر الطاعون"، أي في أول فصل الربيع. ويبدو أن هذا التفسير كان شائعًا فلم يحتج إلى كبير استدلال أو إثبات! أما الطبيب ابن النفيس فقد جمع بين الأمرين فربط الطاعون بأسباب أرضية أو سماوية. فالأرضية ترجع إلى فساد الهواء الناتج عن تراكم الجيف والماء الآسن وكثرة الحشرات، والأسباب السمائية فلكيةٌ ترجع إلى كثرة الشُّهُب والرجوم في آخر الصيف وفي الخريف.
ويسجل لنا ابن حجر ووهو الخبير بالطواعين لكثرة ما شاهده منها وعاناه من مصائبها في أهل بيته، أن طاعون عام 833هـ كان مباينًا لما قبله من الطواعين في أشياء كثيرة؛ منها التوقيت حيث "وقع في الشتاء وارتفع في فصل الربيع، وكانت الطواعين تقع في فصل الربيع وترتفع في أوائل الصيف"؛ ومنها أن "غالب من كان يموت بالطاعون يغيب عقله، وهذا يموت المطعون وهو يعقل"!، حيث أورد ابنُ حجر العسقلاني (ت852هـ) -في كتابه "بذل الماعون في فضل الطاعون": " (عامّة الطواعين التي وقعت في بلدان المسلمين على مرّ التاريخ إنما تقع أثناء فصل الربيع ، وبعد خروج الشتاء ، ثمّ ترتفع في أوّل الصيف).