تعد رواية "الوسمية" هي باكورة أعمال المبدع الراحل عبد العزيز مشري الروائية وهي إحدى الروايات المتميزة التي صدرت عام 1982 إذ إنها تمثل – مع بعض الروايات الأخرى – التطور الذي ارتقى إليه فن الرواية في المملكة العربية السعودية، وجاءت فى المرتبة التاسعة والتسعين فى قائمة أفضل 100 رواية عربية.
وتمتاز الرواية بإنها تفردت في أحداثها ولغتها بما يجعل عبد العزيز المشري واحداً من الكتّاب الذين يتفردون في الرؤية، ومن النقاد من اعتبر روايته (الوسمية) تعانق (العالمية)، بما انطوت عليه من ممكنات سردية وبما عبرت عنه من تجربة إنسانية متفردة، على رغم هذا التنوع فإن تنوعاً آخر وتلاوين مختلفة انضوت في كل نوع تعبيري حاوله المشري، فهو، مثلاً، في القصة مر بأطوار وخاض تجارب لافتة، من التجريب المغرق في الغموض والرمز، إلى البساطة الآسرة التي لا يمكن محاكاتها في سهولة.
كتب عنها الدكتور السيد محمد ديب (إن هذه الرواية تسير على درب النهايات من حيث واقعية الحدث، وسلب البطولة من الأشخاص، ومنها للبيئة بكل ما تحمله من عادات وطبائع وإذا كانت (النهايات) تعبّر عن طاقة هائلة من الصراعات المتعددة في علائق القرية بالمدينة، فضلاً عن الخصائص الأخرى التي تجعل من عبد الرحمن منيف واحداً من الرواد في العالم العربي، فإن (الوسمية) بناء متفرد في رسم الحدث وتحريك الشخصوص، وتوظيف الزمن بهدف رسم لوحة أفقية شاملة لقرية الجبل في منطقة الباحة).
وقد استطاع الكاتب في الوسمية أن يصور في ثلاث عشرة لوحة الحياة الشعبية في هذه القرية، وأن يتغافل عن الحدث المتنامي والصراع النابع منه، بحيث يتجه إلى بعث الحكاية الشعبية وسرد هموم الزراعيين ولكن هذه الأقاصيص والحكايات التي امتلأت بها (الوسمية) تتشابك بخيوطٍ تخضع لعلائق أهل القرية، ويبرز بمجموعها وتكوينها البناء الروائي الذي يعرض لعادات المجتمع القروي منذ سبعينيات القرن الهجري السابق (خمسينيات القرن الميلادي الحالي).