مرت أمس الذكرى الـ 39 لرحيل الكاتب الكبير يحيى الطاهر عبد الله، الذى استطاع رغم عمره القصير أن يترك بصمته الخاصة فى تاريخ الأدب العربي، خاصة فى فن القص.
وبمناسبة هذه الذكرى نقرأ معا واحده من قصص يحيى الطاهر عبد الله القصيرة وهي "أنا وهى.. وزهور العالم.
كنا بالحديقة ـ أنا وهي ـ وكنت طامعًا في علاقة تربطني بها: أيةُ علاقة.
وكان بالحديقة شجرٌ مورق، وحشائشُ خضراء، وطيرٌ بأجنحة، وعين ماءـ أراها مرةً ياقوتةً ومرةً زمردة.
إنه الربيع: وتلك شمسه اللينة تنفذُ من بين أفرعِ الشجرِ بشعاعٍ كأنه الفضةُ النقية، وقد رَمت فوق الحشائشِ الضوءَ واللونَ والظلَ والشكل.
كان للشجرِ رائحةٌ، وللحشائش رائحةٌ، ولفمي رائحة.
هو الربيع، وتلك طيورُ الربيعِ عند عينِ الماءِ تطلبُ الماءَ، وتغتسلُ وتنفضُ عن ريشها الماءَ وتتمرغُ بالحشائشِ وتنطُ وترفُ في الجو بأجنحةٍ وتصوصو وتحتمي بأفرع الشجر.
ـ أحب الموتَ، وكلما أجدني على حافته أحب الحياة.
ـ أود لو أمتلك زهرةً سوداء.
ـ ثمة زهورٌ سوداءُ بالعالم.. ثمة زهورٌ سوداءُ.
***
بالحديقة كنا، وكنت طامعًا في علاقة تربطني بها: أيةُ علاقة.
كان بالحديقة شجرٌ سقط ورقُه وحشائشُ يابسةٌ وكلُ الطيور، وكانتُ الشمس طالعةً، وعينُ الماءِ قلَّ فيها الماءُ وغطاها الورقُ اليابسُ، إنه الخريف.
ـ أحب الحياةَ، وكلما أجدني فيها أعرفُ أنه الموت.
ـ أود لو أمتلك زهرةً بيضاء.
- ثمة زهورٌ بيضاءُ بالعالم.. ثمة زهورٌ بيضاءُ بالعالم.