تمر اليوم الذكرى 89 على وفاة الأديب اللبناني الكبير جبران خليل جبران، إذ رحل أحد أشهر أدباء المجهر عبر تاريخ الأدب العربى الحديث في 10 أبريل عام 1931، عن عمر 48 عاما، تاركا خلفه إرثا أدبيا كبيرا، إذ يعد رمز من رموز ذروة وازدهار عصر نهضة الأدب العربي الحديث، وخاصة في الشعر النثري.
واشتهر الشاعر الراحل بتفاعله مع قضايا عصره، وكان من أهمها التبعية العربية للدولة العثمانية والتي حاربها في كتبه ورسائله، وبالنظر إلى خلفيته المسيحية، فقد حرص جبران على توضيح موقفه بكونه ليس ضِدًا للإسلام الذي يحترمه ويتمنى عودة مجده، بل هو ضد تسييس الدين سواء الإسلامي أو المسيحي، حسبما ذكر الكاتب محمد ثابت في مقدمة كتابه "أروع ما كتب جبران خليل جبران".
ووفقا للكاتب منصور قيسومة في كتابه "اتجاهات الشعر العربي الحديث في النصف الأول من القرن العشرين" فإن جبران كان مطلعا على الدين الإسلامي رغم أنه كان مسيحيا، وكان يحلم بعودة أمجاده الأدبية والفكرية، وكان معاديا للعثمانيين ولبعية البلدان العربية لهم، ونقل عن جبران قوله: "أنا أكره الدولة العثمانية لأنى لا أجب العثمانيين، أنا أكره الدولة العثمانية لأنى اخترق غيرة على الأمم الهاجعة في ظل العالم العثمانى".
ويرى الباحث شوكت جميل في دراسة نشرت بمجلة "الحوار المتمدن" بعنوان "رسالة نادرة من جبران إلى الدين الإسلامي" أنه لطالما أظهر"جبران خليل جبران" بغضته الشديدة لكل سلطة دينية تقهر شعوبها،أياً كانت هذه السلطة وكيفما كانت مرجعيتها،و من ثم، لم يخفِ جبران عداوته للخلافة العثمانية،كحكمٍ للناس تحت راية الدين..الخلافة العثمانية التي كان يزرح تحتها أنذاك موطنه لبنان و سائر أقطار منطقتنا المنكوبة.
واعتماد على رسالة أرسالها جبران إلى صديقته مارى هاسكل في 22 نوفمبر عام 1922، منددا بالتمييز العنصرى الذى تمارسه الإمبرطورية العثمانية تجاه بلده سوريا وبلدان الشرق قالها فيها "اطلب من الله أن تؤول الحرب العالمية إلى تفكيك الأمبرطورية العثمانية فيتسنى لسوريا الأم أن تفتح عينيها الحزينتين، وتحدق مرة أخرى في الشمس، وبحسب دراسة بعنوان "التمييز العنصرى في فكر جبران خليل جبران" نشرت في مجلة كلية التربية بجامعة بابل العراقية عام 2015، يرى الباحثين حسن دخيل وحمزة عبيس أن النص يطلب فيه جبران من الله تفكيك الدولة العثمانية التي كانت في ظاهرها إسلامية تحكم باسم الدين، وهى في الوقت نفسه كانت تخوض صراعا مع الغرب على مناطق النفوذ، إذ حاولت الكثير من الدولة الأوربية كبلغاريا ورومانيا وصربيا، الانعتاق من سيطرتها، بسبب سياسيتها القائمة على التمييز العنصرى بين المسلم وغير المسلم من المسيحيين واليهود.
ولأن العثمانيين لم يكن يحبوا معارضتهم في الحق أو الباطل، فيذكر عدد من الباحثون أن جبران خليل جبران تعرض لاعتداء إرهابي يستهدف حياته من تدبير المخابرات العثمانية، إلا أن الكاتب إسكندر نجار، نفى صحة هذه الواقعة في كتابه (جبران خليل جبران) الذي ألفه باللغة الفرنسية في باريس سنة 2003.