عاش المسلمون في الأندلس نحو المرحلة الأولى من الفتح الإسلامي لإسبانيا والبرتغال عام 710، وحتى سقوط غرناطة، آخر دولة إسلامية في شبه الجزيرة الأيبيرية، حيث أدت إلى توسيع الممالك المسيحية في عام 1492، لكن منذ عام 1491، تم السيطرة على شبه الجزيرة بأكملها من قبل الحكام المسيحيين.
وكان سقوط الدولة الإسلامية في الأندلس اتحدت مملكة ليون وقشتالة مع مملكة أراجون واستطاع الملك فرناندو والملكة إيزابيلا، استرجاع المدن الإيبيرية الواحدة تلو الأخرى إلى أن سقطت في أيديهم غرناطة آخر قواعد المسلمين سنة 1492.
ويبدو أن الأوبئة أيضا لعبت دورا في إضعاف دولة المسلمين في الأندلس، وتهاوت حتى استطاع فرناندو وإيزابيلا إسقاط العرب والمسلمين هناك.
وبحسب دراسة بعنوان "الكوارث الطبيعية في الأندلس" للباحث عباس فضل حسين المسعودى، كان أول وباء يضرب الأندلس، كان وباء الطاعون في عام 804م،، الذى انتشر سريعا، وتبين من خلال سرعة انتشاره نقص واضح في ثقافة السكان الصحية وكيفية تعاملهم مع العدوية والوقاية منها، فضلا عن عدم اتخاذ إجراءات احترازية من قبل السلطة الحاكمة للحد من الوباء وتخفيف أثاره على البلاد، وفى عام 812م، دفعت المجاعة التي ضربت البلاد بسبب استمرار الوباء، السكان إلى العبور إلى المغرب من اجل الاستقرار.
ونتج عن هذا الطاعون وفيات كثيرة، واتخذت حكومة قرطبة الأموية، إجراءات عاجلة لمساعدة السكان من الضعاء والمساكين بأموال كبيرة والصدقات في المدينة فضلا عن الولايات الأخرى.
ويذكر موقع إسلام أون لاين" أن المغرب العربي، فمر بتاريخه في كثير من الأوبئة والمجاعات والجفاف في عصر المرابطين والموحدين والمرنيين وحتى الفترة الحديث، ولعل من أهمها طاعون عام 571هـ، الذي انتشر في بلاد المغرب والأندلس ويعتبر أهم طاعون عرفه عصر الموحدين، فقد كان له نتائج كارثية ولم يسلم منه أحد حتى أن أربعة أمراء من إخوة الخليفة يوسف بن يعقوب ماتوا فيه، بينما كان يموت بسببه ما بين 100 و190 من عامة الناس في اليوم الواحد (بنمليح، 2002، 124). وقد حدث في المغرب طاعون عام 1798م، والذي انتقل بالعدوى من التجار الذين حملوه معهم من الاسكندرية إلى تونس فالجزائر فالمغرب، وقد تفشى الطاعون في فاس ومكناس ووصل إلى الرباط، فكان يخلف 130 ضحية في اليوم (البزاز،1992، ص92).
كما أورد ابن عذاري المراكشي في سياق التأريخ لحوادث الأوبئة في الأندلس في أواخر القرن الخامس الهجري/ الحادي عشر الميلادي أنه عام 498هـ/ 1105م تناهى القحط في بلاد الأندلس والعدوة حتى أيقن الناس بالهلاك”، ولا شك أن ما أعقب كارثة القحط من مضاعفات سكانية واقتصادية بالمغرب والأندلس، كان بمثابة الشرارة المهددة لسلسة من الكوارث الطبيعية المتلاحقة. وكلما حدث اضطراب مناخي كان يدل في ذهنية إنسان تلك المرحلة على ظروف معيشية ونفسية وصحية أصعب، وفي نفس تلك الفترة أصيب المغرب والأندلس بسلسلة من القحوط والمجاعات في الربع الأول من القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي، حيث اجتاح جفاف شديد مدينتي فاس وغرناطة عام 524 هـ/ 1130م، وفي عام 526هـ/ 1132م اشتدت المجاعة والوباء بالناس في قرطبة، وكثر الموتى وبلغ مد القمح خمسة عشر ديناراً. واستمرت موجات الكوارث الطبيعية في العدوتين (الأندلس والمغرب) وخاصة في فترات المواجهة العسكرية وذلك في تناوب مستمر (البياض، 2008، 19 -22).