تعد رواية "التوت المر" للأديب التونسى محمد العروسى المطوى، والصادرة عام 1967، إحدى أيقونات الأدب التونسي، وهى رواية اجتماعية تدور أحداثها زمن الاستعمار الفرنسي تطرق فيها الكاتب لمقاومة ثلة من الشباب التونسي للاستعمار الفرنسي من خلال محاربتهم لمشكلة تفشي ظاهرة الادمان على التكروري.
لاقت الرواية نجاحا كبيرا، حيث تم اختيارها فى المرتبة 102 ضمن أفضل مائة عربية فى القائمة التى أعدها اتحاد الكتاب العرب عام 2001، كما تمت ترجمتها إلى لغات أخرى من بينها الإسبانية في سنة 2006.
وتتناول الرواية العديد من القضايا مثل التعاطف والتقدير والاحترام والحبّ لعائشة فالزواج، وعلاقة العمل وعرقلة (الأمّ). كما يتناول القضايا الاجتماعيّة من معاناة الفقر والبؤس والشقاء من أجل لقمة العيش، فعائلة الشيخ مفتاح تمثّل نموذجا لذلك في القصّة، فهم ممّن شرّدتهم الحرب فعانوا الويلات بحثا عن الأمن والاستقرار، وتمثل عائشة نموذجا بشريّا مجسّما للبؤس الإنساني لمعاناتها الشّلل بسبب غياب المال، ومعاناتها اليتم بسبب موت الأمّ. كما تتناول تعاطي التكروري هروبا من الواقع البائس.
وتدور أحداث الرواية في قرية "الغنّوش"، وهي إحدى قرى الجنوب التونسى، حيث فاطمة، ومبروكة، وعائشة - المقعدة على كرسي متحرك - تعيش مع والدها الشيخ مفتاح الطرابلسي – الذي كان يتعامل سراً مع الجنادرمة من قوات الاحتلال الفرنسي آنذاك – والأم ذات القلب الكبير، المتمسكة بالتقاليد والعادات التونسية الصارمة، وعبدالله بطل الرواية الذي يكره التكروري – الحشيش – وشرب الخمر، وإبراهيم وأصدقائه، وعلى بن مسعود ضيف الأسرة، السيد عبدالرزاق، خديجة، أحمد العائب، محمود، وإبراهيم، ومختار، وعبدالله، والسيد الحمروني، ومسعودة، ومبروكة، وصالح، عبدالقادر، خميس، حميدة وغيرهم، من الشخصيات الداعمة لمسيرة الأحداث، وأغلبهم وإن كانوا "شخصيات ثانوية"، إلا أنها كانت فاعلة بامتياز في تسيير الأحداث بقوة، ورسم الصورة الاجتماعية للشعب التونسي الذي نجح الاستعمار – كما تصوّر واهماً - في تغييب الوعي الوطني والعام لديهم، من خلال نشر شرب التكرورى – الحشيشة - بصورة كبيرة، وبأسعار زهيدة، الأمر الذي من شأنه تغييب عقولهم ووعيهم، وكسر إرادتهم الوطنية الحرّة، واستعمارهم اجتماعياً وفكرياً وثقافياً من خلال نشر تعاطي هذا المشروب الذي يذهب العقل، من خلال البكبوك، أو ما يطلق عليه "السبسي".