دخل مظفر الدين كوكبري فى طاعة صلاح الدين الأيوبي دون حرب كما تزوج أخته، وكان يحب الخير ويكره الظلم، واليوم تحل ذكرى ميلاده إذ ولد فى مثل هذا اليوم 13 أبريل من عام 1153م، فهو من حكم أربيل فى عهد صلاح الدين، فمن هذا الرجل؟
فى كتاب "سير أعلام النبلاء"، نجد أن مظفر الدين أبو سعيد كوكبري بن علي بن بكتكين بن محمد التركماني صاحب إربل وابن صاحبها وممصرها الملك زين الدين علي كوجك، وكوجك هو اللطيف القد، كان كوجك شهما شجاعا مهيبا، تملك بلادا كثيرة، ثم وهبها لأولاد صاحب الموصل ، وكان يوصف بقوة مفرطة، وطال عمره، وحج هو والأمير أسد الدين شيركوه بن شاذي، وتوفي في سنة ثلاث وستين وخمسمائة وله أوقاف وبر ومدرسة بالموصل.
فلما مات كوجك تملك إربل ابنه هذا وهو مراهق، وصار أتابكه مجاهد الدين قيماز، فعمل عليه قيماز وكتب محضرا بأنه لا يصلح للملك وقبض عليه وملك أخاه زين الدين يوسف، فتوجه مظفر الدين إلى بغداد فما التفتوا عليه، فقدم الموصل على صاحبها سيف الدين غازي بن مودود، فأقطعه حران، فبقي بها مديدة، ثم اتصل بخدمة السلطان صلاح الدين، وغزا معه، وتمكن منه، وأحبه، وزاده الرها، وزوجه بأخته ربيعة واقفة الصاحبية، وأبان مظفر الدين عن شجاعة يوم حطين، وبين، فوفد أخوه صاحب إربل على صلاح الدين نجدة فتمرض ومات على عكا فأعطى السلطان مظفر الدين إربل وشهرزور ، واسترد منه حران والرها .
وفى كتاب "الأيوبيون بعد صلاح الدين" للدكتور على محمد الصلابى، إن مظفر الدين كوكبري، كان محبا للصدقة، له كل يوم قناطير خبز يفرقها، ويكسو في العام خلقا ويعطيهم دينارا ودينارين، وبنى أربع خوانك للزمنى والأضراء، وكان يأتيهم كل اثنين وخميس ويسأل كل واحد عن حاله ويتفقده ويباسطه ويمزح معه.
وأوضح الكتاب، إن مظفر الدين كوكبري، بنى دارا للنساء، ودارا للأيتام، ودارا للقطاء، ورتب بها المراضع، وكان يدور على مرضى البيمارستان، وله دار مضيف ينزلها كل وارد، ويعطى كل ما ينبغي له، وبنى مدرسة للشافعية والحنفية وكان يمد بها السماط، ويحضر السماع كثيرا، لم يكن له لذة في شيء غيره، وكان يمنع من دخول منكر بلده، وبنى للصوفية رباطين، وكان ينزل إليهم لأجل السماعات، وكان في السنة يفتك أسرى بجملة ويخرج سبيلا للحج، ويبعث للمجاورين بخمسة آلاف دينار، وأجرى الماء إلى عرفات.
وكان متواضعا، خيرا، سنيا، يحب الفقهاء والمحدثين، وربما أعطى الشعراء، وما نقل أنه انهزم في حرب، ورحل ليلة الجمعة رابع عشر رمضان سنة ثلاثين وستمائة وعمل في تابوت، وحمل مع الحجاج إلى مكة فاتفق أن الوفد رجعوا تلك السنة لعدم الماء، فدفن بالكوفة، عن عمر 82 عاما.