"سفر أيوب" الذى نتعامل معه على أساس أنه أحد نصوص الدينية اليهودية الموجودة فى التوراة، هناك من يذهب إلى أنه نص إبداعى.. فكيف ذلك، ويظهر أيوب فى سفر حزقيال ويرجع تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد كرجل من العصور القديمة يشتهر ببره، ويبدو أن مؤلف سفر أيوب قد اختار هذا البطل الأسطورى بسبب مثله.
ينسب التقليد الحاخامى تأليف السفر إلى النبى موسى عليه السلام، لكن العلماء يتفقون عمومًا على أنه كتب بين القرنين السابع والرابع قبل الميلاد، مع اعتبار القرن السادس قبل الميلاد الفترة الأكثر ترجيحًا لأسباب مختلفة.
وتدور الأحداث فى جنوب إدوم أو شمال شبه الجزيرة العربية، وتحدث عن أماكن بعيدة مثل بلاد ما بين النهرين ومصر، وتشير التناقضات المختلفة والإدخالات الواضحة إلى تعرضه للتحرير والإضافات لاحقًا، ويحتوى السفر على حوالى 1000 سطر، تشكل نحو 750 منها النواة الأصلية.
تتميز لغة السفر بعدد كبير بشكل استثنائى من الكلمات والأشكال غير الموجودة فى أى مكان آخر فى الكتاب المقدس، واستنتج العالم اليهودى ابن عزرا فى القرن الثانى عشر أن الكتاب يجب أن يكون قد كتب بلغة أخرى وترجم إلى اللغة العبرية، وبحث العديد من العلماء فى وقت لاحق (حتى القرن العشرين) عن أصل آرامى أو عربى أو إدومي، ولكن أشار تحليل دقيق إلى أن الكلمات الأجنبية والأشكال ذات المظهر الخارجى هى أدوات أدبية مصممة لإضفاء المصداقية على البيئة البعيدة للكتاب.
و"السفر" كان موجودا فى عدد من الأشكال: النص الماسورتى العبرى، الذى تقوم عليه العديد من ترجمات الكتاب المقدس الحديثة (السبعونية اليونانية التى ظهرت فى مصر فى القرون الأخيرة قبل الميلاد، والمخطوطات الآرامية والعبرية الموجودة ضمن مخطوطات البحر الميت).
ينتمى كل من أيوب وسفر الجامعة وسفر الأمثال إلى نوع أدب الحكمة، ويتشاركون منظورًا يسمونه "طريقة الحكمة"، وتعنى الحكمة طريقة تفكير ومجموعة المعارف المكتسبة من خلال هذا التفكير، وكذلك القدرة على تطبيقها فى الحياة.
ويمكن تحقيق هذه الحكمة من خلال الجهد الإنسانى والجزء الآخر كهدية من الله، ولكن لا يمكن الحصول على كاملها أبدًا من قبل أى شخص باستثناء الله.
وتشترك الكتب الثلاثة فى المواقف والافتراضات ولكنها تختلف فى استنتاجاتها، حيث يذكر سفر الأمثال معلومات واثقة حول العالم وأعماله لكنها تتناقض تمامًا مع أيوب والجامعة.
وتوجد العديد من النصوص من بلاد ما بين النهرين القديمة ومصر، والتى تعتبر موازية لسفر أيوب، وعلى الرغم من أنه من المستحيل معرفة ما إذا كان مؤلف سفر أيوب قد تأثر بأى منهم، فإن وجودهم يشير إلى أنه كان مستفيدًا من تقاليد طويلة من التفكير فى وجود معاناة لا يمكن تفسيرها.