أحد رواد المسرح المصرى والصحافة الساخرة، أطلق عليه الخديوى إسماعيل "مولير مصر"، هو يعقوب روفائيل صنوع ، الذى ولد فى مثل هذا اليوم 15 أبريل من عام 1839م، وعرف باسم جمس سانووا، تعلم فى أوروبا بعد أن أرسله الأمير يكن حفيد محمد علي باشا هناك بعد ما كتب صنوع له قصيدة مدح، وهو فى الثالثة عشر من عمره، فأرسله لدراسة الفنون والأدب في إيطاليا على نفقته سنة 1853، ثم عاد يعقوب سنة 1855 ليعمل مدرسا لأبناء الخديوي يُدرِّس لهم اللغات والعلوم الأوروبية والتصوير والموسيقى، ولكن فى حياة صنوع العديد من المحطات المؤثرة فى حياته.
رغم أنه ولد لأبوين يهوديين إلا أن أمه أصرت على أن يتعلم القرأن الكريم، وذلك بعد موت اربعة من أخواته، بعد فترة قصيرة من ولادتهم، للذلك فعندما حملت به أمه ذهبت إلى شيخ مسجد الشعرانى ليدعو لها أن يحفظ جنينها فبشرها بأن الله سيحفظه وأنه سيكون ولدا، وأنها إن أرادت أن يعيش أن تهبه لخدمة الإسلام والمسلمين، وأن ذلك دفع والديه لتعليمه القرآن بالإضافة إلى التوراة والأنجيل، كما كان يجيد ثلاثة عشرة لغة.
ونظرًا لإيجاده عدة لغات ساعده ذلك على تعريف العالم الغربى بآداب اللغة العربية والدراسات الإسلامية، فترجم قصائد من العربية إلى اللغات الإيطالية والفرنسية والإنجليزية، هذا بالإضافة إلى نشر دراسات عميقة من الآداب الإسلامية وبعض المقالات في الجرائد الإنجليزية، وفي بعض المجلات الفرنسية الكبرى، وبينما كان يطرى الحضارة الأوروبية في جرائد الشرق كان يكشف في الصحف الأوروبية عن جمال الشعر العربي وعمقه.
ولحب صنوع للمسرح فكر فى إنشاء مسرح مصرع عام 1869 تعرض على خشبته مسرحيات عربية متأثرا بما رآه فى إيطاليا، وكتب يعقوب صنوع مسرحيات قصيرة ممزوجة بأشعار وقام بتلحينها وعرضها فى قصر الخديو إسماعيل.
وعلى أثر ذلك فكر فى تأسيس فرقة مسرحية من تلاميذه فعرض مسرحيته على منصة مقهى موسيقي كبير بحديقة الأزبكية بالقاهرة وكانت توجد في ذلك الوقت فرق تمثيل إيطالية وفرنسية تعرض أعمالها للجاليات الأوروبية في القاهرة، ونجحت مسرحيته نجاحا كبيرا.
ظهرت النساء لأول مرة فى فرقة يعقوب صنوع الخاصة، وأطلق عليه الخديو إسماعيل "موليير مصر"، وطلب منه أن يعرض مسرحياته على مسرحه الخاص في قصر النيل، عرض يعقوب ثلاث مسرحيات هى : "آنسة على الموضة، وغندورة مصر، والضرتان"، وكانت مسرحيات كوميدية أعجب بهم الخديو وسمح له بإنشاء مسرح قومى لعرض مسرحياته على عامة الشعب، وقد عرض على هذا المسرح أكثر من 200 عرض لـ 32 مسرحية كتبها صنوع بنفسه.
ظل الخديو معجب بفنه إلى أن كتب صنوع مسرحيته "الوطن والحرية" والتى أغضبت الخديو حيث كان يسخر فيها من فساد القصر ثم أغلق مسرحه ونفاه إلى فرنسا فاستقر فى باريس إلى آخر حياته، حيث رحل عن عالمنا فى 1912م.