الحرب عالم تعيس، لا يمكن تخيله ولا الحديث عنه، الذين خاضوا الحروب فقط هم الوحيدون الذين يمكن لهم أن يعبروا عن المآسى التي مرت بهم، هؤلاء الذين يسيطر عليهم حلم وحيد هو "العودة إلى الديار".
وفى لوحة بالاسم نفسه للفنان الألماني هانز أدولف بولر (1877–1951) يختصر كل هذا الحلم، حتى لو عاد الإنسان مهدمًا تماما يحلم بالراحة في حضن من يحب، أن يسند رأسه على قدمي حبيبته.
هذه اللوحة رسمها هانز أدولف بولر في عام 1940 قبل سنوات من انتهاء الحرب العالمية الثانية الدميمة التي قضت على ملايين البشر وخربت القرى والمدن وأعادت تقسيم العالم، فما بالنا لو رسمها بعد هزيمة ألمانيا واستباحتها في عام 1945.
تختصر اللوحة العودة في لقاء من نحبهم، وقد رسم هانز الجندي يكاد يكون مستسلما للنوم الذي يعنى الراحة، بينما تدل ثيابه ويديه المهدلتين بأنه قد أنهك تماما، والمرأة الحبيبة تلمسه في رفق لأنها تعرف ما به من جراح خلفتها الحرب، بينما الفضاء حولهما يدل على أن الحرب لم تبق شيئا يدل على الحياة لا شجرة ولا مبنى ليس سوى الألوان الرمادية.
تتجاوز الصورة في تعبيريتها الحرب وتقدم دلالة كبرى على كل المتعبين في حياتهم الحالمين بالعودة إلى حبيب وطن، فجميعنا متعب من رحلته يحلم بالعودة.