أعلم جيدًا أن مصطلح أدباء المهجر مربوط فى أذهاننا بـ "جبران خليل جبران وإيليا أبو ماضى وميخائيل نعيمة" هكذا وجدناهم فى الكتب المدرسية، حفظنا أشعارهم وقرأنا سيرهم الذاتية، وكأنها صفحة طواها الزمن، لتصبح ذكرى الثقافة العربية، إذا أردنا أن نقرأ عن الحنين للوطن مثلا أو واسترجاع لذة ذائقة الشوق للطفولة والصبا.
ولكن بمرو الزمن وتوالى الأحداث السياسية على الساحة العربية يتكرر المشهد ولكن دون توثيق أدبى فكلنا نعلم أن الأدب بأشكاله المختلفة من رواية وقصة وشعر ومسرح، مولود منبثق من رحم الأحداث السياسية التى يمر بها العالم العربي، تمر السنون أمامنا لتصبح هجرة الأدباء العرب أمر واقع، لاتحرك ساكن سواء الوطن الذى أنجبهم وغادروا من أجله وكان سببا فى هجرتهم أو الجمعيات واتحادات الكتاب والأدباء التى من المفترض أن ترعاهم.
فالعالم العربى مليء بأدباء هاجروا موطنهم نظرا لظروف سياسية وأخرى قهرية، فنجد العراق على سبيل المثال وليس الحصر كاحد أكثر الدول العربية العربية التى هاجر أدبائها أرضها، وغادروا الساحة الثقافية التى شهدت هجرتان جماعيتان حديثه للأدباء، الأولى فى الحصار الأمريكى الذى صدر قراره من الأمم المتحدة فى 6 أغسطس 1990 نتيجة الغزو العراقى للكويت، دام الحصار ثلاثة عشرعاما وانتهى بسقوط حزب البعث العربى الاشتراكى عام 2003 والثانية بعد الاحتلال الأمريكى فى العام نفسه من سقوط صدام حسين، فى هذه الفترة فر عشرات من الأدباء العراقيين من قصورة، لأن الحياة الأدبية كانت مهددة بالاندثار وذلك لوجود المليشيات التى تقتل على حسب الهوية بكونه أديب عراقي، ناهيك عن هذه الفترة المهمة فى تاريخ أدباء المهجر سبقا فترة عصيبة هاجر ت فيها نازك الملائكة و عبد الوهاب البياتى و جواد الأسدي.
فى فترة الهجرتين الحديثتين، هاجر الكثيرون من الأدباء تاركين ما توارثوه عن أبائهم وأجدادهم ليعملو فى مجالات تكاد تسد جوعهم، منهم شعراء لهم باع طويل وروائيين لهم اسم رنان فى عالم السرد، فالكاتب الذى أراد أن يستقل دفع حياته للهجرة إلى المنفى الاختيارى أو الاضطرارى أو هجر الكتابة والتفكير أو أصاب بسكتة أدبية، ام أن الأوان أن يصدح صوته بين الجدران.
أين اتحاد الكتاب العرب من فقدانه لهؤلاء الكفاءات الأدبية والثقافية التى تتعالى صرخاتهم لإيجاد بارقة أمل فى حفظ ماء وجه الثقافة العربية، لماذا لا نحيى ذكراهم ليعلم أبنائنا وطلاب الأدب وباحثى الدراسات العليا، بإنجازاتهم ومعاناتهم وانتاجهم الثقافي، أطالب اتحاد الكتاب العرب بالحصر الشامل لأدباء المهجر الحديث وتسليط الضوء على أعمالهم وسيرهم الذاتية وحمايتهم تحت مظلة تقيهم شر الزمان وغدره دون النظر لسياسة بلادهم الثقافية، لكونهم ثروة الأمة الثقافية..