المصريون رفضوا التصالح مع كليبر فى ثورة القاهرة الثانية فلجأ للحرق والدمار.. ماذا حدث؟

إن فترة الحملة الفرنسية على مصر تعد من الفترات التى ظهر فيها معدن المصريين الحقيقى وأصالتهم فى الحرية، وفى تمسكهم باستقلالهم، والحفاظ على تقالديهم وتراثهم، هى فترة مجيدة فى كفاح الشعب المصرى وصموده واستبساله، واليوم تمر ذكرى استسلام الثائرين من أهالي مصر في ثورة القاهرة الثانية وذلك بعد أن سلط عليهم الجنرال كليبر مدافعه وأحرق أحياء القاهرة، وكان ذلك عام 1800م، بعد وقوف المصريين بكل شجاعة ورفض الصلح مع كليبر لأكثر من مرة. يقول كتاب "النضال الشعبى"، لمحمد فرج، إن الثورة الشعبية شبت فى القاهرة فى 20مارس سنة 1800، فى الوقت الذى كانت تدور فيه معركة عين شمس، وكان من زعماء الثورة عمر مكرم وأحمد المحروقى والشيخ الجوهرى، وشبت الثورة فى بولاق. ويصف الجبرتى نشوبها فيقول: "أما بولاق فأنها قامت فى ساعة واحدة ونحزم الحاج مصطفى البشتيلى وهو من أعيان بولاق وأمثاله وهيجوا العامة وهيئوا عصيهم وأسلحتهم ورمحوا وصفحوا، وأول ما بدءوا به أنهم ذهبوا ‘لى وطاق الفرنسيين الذى تركوه بساحل البحر، وعنده حرس منهم فقتلوا من أدركوه ونهبوت جميع ما به من خيام ومتاع، ورجعوا إلى البلد وفتحوا مخازن الغلال والودائع التى للفرنساوية، وأخذوا ما احبوا منها وعملوا كرانك حوالى البلد ومتاريس". وأضاف كتاب "النضال الشعبى"، وبدأت الثورة كما قانا فى بولاق واتجه أهلها وقد حملوا السيوف والرماح والبنادق والعصى إلى قلعة قمطرة الليمون، ولكن حامية القلعة ردت هجومهم وفتحت عليهم نيران مدافعهم، فنظم الثوار صفوفهم وعادوا يهاجمون القلعة، وايطاع الجنرال فردييه أن يبعث بمدد إلى حامية القاعة وأن يشتت الثوار. اتسع نطاق الثورة، وتعاونت جميع أطياف الشعب، وفى هذه الأثناء وصلت إلى القاهرة نجدة كبيرة بقيادة الجنرال "لاجرانج" وكانت هذه النجدة ذات معنويات عالية فى انتصار الفرنسيين فى معركة عين شمس، واستطاعت هذا النجدة أن تصل إلى الأزبكية وأن ترفع الحصار عنه وأن تنضم إلى حاميتها، مما جعل من العسير على الثوار دخول منطقة الأزبكية. تعاون المصريون جميعا فى ثورتهم، وتطوعوا لإمداد الثورة بكل ما تحتاج إليه من زاد ونفقات، كما بذل أهل الأرياف والضواحى الكثير، وقدموا المعونات برضا ورغبة، فقد كانوا يأتون للثوار باحتياجاتهم من السمن والجبن واللبن والغلة. وحينما جاء كليبر إلى القاهرة فى 27 من مارس وجد الثورة مشتعلة فى كل مكان، وشاهد بعينه حصون الثوار التى أقيمت فى بولاق ومصر الجديدة، ووجد الوكالات والمخازن وقد تحولت إلى قلاع يستخدمها الثوار، فأخذ يدرس الموقف ويضع خطته وانتهى إلى اتخاذ القوة ومحاولة القضاء على الثورة بالحديد والنار، واكنه رأى أن الحل الأمثل هو أن يطيل الوقت أمام الثوار للتقليل من عزيمتهم، وفى نفس الوقت أخذ يعد العدة للقضاء على الثورة. وبعد أن استتب الأمر لكليبر بالسيطرة على الوجه البحرى بقضائه على الثورات المختلفة وحالة الهياج التى ظهرت فى مختلف المناطق وبعد أن استتب له الأمر فى الوجه القبلى باتفاقه مع مراد بك، أصبحت القاهرة محاصرة مطوقة، وحانت الفرصة لكليبر لكى يقضى على الثوار فيها، فأصدر أوامره إلى المدفعية لتصلى المدينة نارا حامية، وتطلق قذائفها على المنازل التى لجأ إليها الثوار. بدأ الفرنسيون تقدمهم من باب الحديد، واستطاع الثوار أن يقضوا على الكتية الأولى المتقدمة، وأن يقتلوا ضابطها، ثم تقدمت الفرقة الثانية، وتمكنت من أن تقتلع المتاريس التى كان يتحصن وراءها الثوار، فهربوا من مكانهم وطاردتهم القوة الفرنسية واقتحمت المنازل التى لجأوا إليها، واشتعلت النار فى المبانى. وفى أثناء هذا وصل الجنرال بليار من دمياط وعسكر أمام بولاق وأحاط الفرنسيون بها ومنعوا الدخول إليها والخروج منها وأكثروا من قذفها بالمدافع ليلا ونهارًا، هذا فى الوقت التى كسدت فيه الأسواق وقلت الأقوات وغلت الأسعار وفقدت الحبوب، واشتدت بالناس الكروب والمحن، وبدأ الناس يشعرون بالموقف الأليم الذى يعيشونه. بعث كليبر يطلب وفجدا من العلماء يكون الوسيط بينه وبين الثوار، فجاءه وفد، وعرض عليهم كليبر وقف القتال فى مقابل الأمان، وهذا ما رفضه المصريون، وفى 14 أبريل 1800 أنذر كليبر الثوار، ولكنهم تجاهلوه، وفى فجر اليوم التالى بدأ الفرنسيون هجومهم على حى بولاق وبدأت مدفعيتهم تقذف الحى فى غير رحمة، ورغم ذلك وفى هذا البلاء عرض العفو على الثوار فأبوا واستمر القتال، وفجرت الدماء انهارًا من الشوارع واشتملت النار أحياء بولاق من أقصاها ‘لى أقصاها، وعادت تلك المدينة العمرة الزاهرة هدفا للخراب وأكلتها أهوال الحرب وفظائعها". وعندما استسلم أهل بولاق بعد كل ما حصل بهم من الخراب والتدمير، فرض عليهم الفرنسيون غرامة جسيمة بلغت 200 ألف ريال، وفوق 300 ألف ريال تجبى عروضا من السكر واللبن والزيوت وغيرها، كما فرض عليهم أن يسلموا ما عندهم من المدافع والذخيرة والأخشاب، والغلال والشعير والأرز والعدس والفول، وأن يسلموا 400 بندقية و200 طبنجة، وقبض الفرنسيون على مصطفى البشتيلى رئيس الثوار وطلبوا من اتباعه أن يقتلوه، فضرب بالعصى حتى مات.








الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;