تمر اليوم الذكرى الـ 1086، على مبايعة أبو العباس محمد الراضى بالله بالخلافة فى الدولة العباسية وذلك بعد خلع الخليفة أبو منصور محمد القاهر بالله، ويقال أنه كان آخر خليفة له شعر مدون، وآخر خليفة كان يخطب يوم الجمعة، وآخر خليفة جالس الندماء، وآخر خليفة سافر بزي القدماء. وكانت جوائزه وأموره بنفس من سبقه من خلفاء بني العباس.
وحسبما يذكر بعض الباحثين، فأنه على الرغم مما كان يتحلى به "الراضي" من صفات حميدة فإن أمر الخلافة قد اختل في عهده اختلالا خطرا، وازداد تدهور أحوال الخلافة في أيامه، وازدادت اضطرابا وإدبارا، ولم يكن له من الأمر شيء، وولاة الأقاليم هم المتحكمون فيها يديرونها كإقطاع خاص، وتنازعوا فيما بينهم على من يسيطر على مقاليد الخلافة، وظهرت في أيامه العصبية المذهبية وقويت شوكة الحنابلة.
وازداد تمزق الدولة واستفحل نفوذ المتطلعين للسيطرة على زمام الأمور؛ فقد ازداد نفوذ البويهيين في فارس وتطلعوا للاستيلاء على "العراق"، وتمتع "بنو حمدان" بنفوذ مطلق في "الموصل" و"ديار بكر" و"ربيعة" و"مضر"، واستقلت "الدولة الإخشيدية" في "مصر" و"الشام" عن الخلافة العباسية، وكذلك "الدولة السامانية" في "خراسان" و"ما وراء النهر" بزعامة "نصر بن أحمد الساماني"، وأصبح للأمويين خلافة مستقلة في "الأندلس" تحت حكم "عبد الرحمن الثالث" الأموي الملقب بالناصر (300-350هـ= 913-961م)، وسيطر القرامطة بزعامة "أبي طاهر القرمطي" على "البحرين" و"اليمامة".
وتدهورت الأوضاع في أوائل عهد "الراضي" تدهورًا كبيرًا، بسبب عجز الوزراء وازدياد نفوذ كبار القواد وتدخلهم في شئون الدولة، وكان "محمد بن رائق" والي واسط والبصرة واحدا من أبرز هؤلاء القواد وأكثرهم نفوذا وتأثيرا، فاختاره الخليفة "الراضي" ليقوم بمهمة إنقاذ الخلافة من التدهور الإداري الحاد الذي تعاني منه، وأسند إليه منصب "أمير الأمراء" في عام (324هـ=936م).