أعلن صندوق التنمية الثقافية، عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك، إذا كانت الظروف التي تمر بها البلاد، تحول بيننا وبين إقامة أمسياتنا الشعرية الأسبوعية في بيت الشعر، مركز إبداع الست وسيلة، فإننا يمكننا أن ننقل هذه الأمسيات الشعرية إلى هنا، وسننشر عددا من القصائد لمجموعة من الشواعر والشعراء.قصيدة اليوم للشاعر الحصري القيرواني يا ليل الصب متى غده.
ياليل الصب متى غده أقيام الساعة موعدهُ؟
رقد السُّمَّارُ وأرّقهُ أسفٌ للبين يردِّدُّهُ
فبكاه النّجم ورق لهُ مما يرعاه ويرصدهُ
كلفٌ بغزالٍ ذي هيفٍ خوف الواشين يشرِّدهُ
نصبت عيناي له شركاً في النوم فعزّ تصيدهُ
وكفى عجباً أني قنصٌ للسِّرب سباني أغيدهُ
ينضو من مقلته سيفاً وكأن نعاساً يغمدهُ
فيريق دم العشاق به والويل لمن يتقلَّدهُ
كلا لا ذنب لمن قتلت عيناه ولم تقتل يدهُ
يا من جحدت عيناه دمي وعلى خدَّيهِ تورُّدهُ
خداك قد اعترفا بدمي فعلام جفونك تجحدهُ..؟
إنّي لأعيذك من قتلي وأظنك لا تتعمدهُ
بالله هب المشتاق كرىً فلعلَّ خيالك يسعدهُ
ما ضرَّك لو داويت ضنى صبٍّ يدنيك وتبعدهُ
لم يبقِ هواك له رمقاً فليبكِ عليه عُوَّدُهُ
وغداً يقضي أو بعد غدٍ هل من نظرٍ يتزودهُ ..؟
يا أهل الشوق لنا شرقٌ بالدمع يفيض مورّدهٌ
ما أحلى الوصل وأعذبه لولا الأيام تنكدهُ
بالبين وبالهجران فيا لفؤادي كيف تجلُّدهُ
ويشار إلى أن الحصري القيروانى، أبي إسحاق علي بن عبد الغني الفهري الحصري الضرير أبو الحسن (420 هـ - 488 هـ / 1029 - 1095 م) ولد في حي الفهريين بمدينة القيروان.
شاعر تونسي قيرواني مشهور يتّصل نسبه بعقبة بن نافع الفهري مؤسس القيروان وفاتح أفريقيا (تونس)، أما نسبة الحصري فيقال: إلى صناعة الحصر ويقال: إلى مدينة حصر الدارسة والتي كانت قريباً من القيروان، وهو قريب ابي اسحاق الحصري صاحب (زهر الآداب) المتوفى سنة 413 هجري قبل مولد أبي الحسن. كان ضريراً ولد وعاش بالقيروان ومات في طنجة. حفظ القرآن بالروايات وتعلم العربية على شيوخ عصره.والأرجح أنه فقد بصره في طفولته ولم يولد كفيفاً كما زعم صاحب معجم المؤلفين. وكان فقده لبصره سبباً لولوعه بتقليد أبي العلاء في شعره ورسائله (مع أنه معاصر له)، ومن الغريب أن يمتد تشابه الرجلين إلى تشابه الحوادث التي لقياها انظر أمثلة من ذلك في كتاب المرزوقي والجيلاني (أبو الحسن الحصري القيرواني ص63). وفي مقتبل شبابه كانت فتنة بني هلال في القيروان سنة 449 هجري، تلك الفتنة التي شتَّتت أهل القيروان حفاةً عراةً في الفيافي والوديان وشردتهم، ورحلت بعدها أسرة الحصري إلى سبتة بالمغرب، فبقي فيها زهاء عشر سنوات.
ثم تركها إلى إشبيلية ملتمساً الحظوة عند المعتمد بن عباد، ثم تركها إلى دانية لما علا نجم ابن مجاهد العامري،
ولم يبرح أن تركه إلى سرقسطة مجتذباً عطـف ابن هود، وفيها اتصل بوزيره اليهودي ابن حسداي فأسبغ عليه النعمة ووفّر له الحماية، ثم قصد ابن صمادح صاحب المرية ووجد عنده كل ترحيب وإكرام، ومكث عنده مدةً ثم رحل قاصداً ابن طاهر صاحب مرسية، فعظمت مكانته عنده ومدحه بالقصيدة التي ذاعت شهرتها وطبقت الآفاق وتنافس المغنون في تلحينها والشعراء في معارضتها، وكانت تلك القصيدة هي قصيدة :ياليل الصب متى غده.