نواصل مع المفكر العربي الكبير جواد على (1907 – 1987) قراءة التاريخ العربي والتعرف على القبائل العربية والممالك التى كانت منتشرة قبل الإسلام، وذلك من خلال كتابه المهم "المفصل فى تاريخ العرب قبل الإسلام" واليوم نتحدث عن "حكم السميفع أشوع".
يقول جواد على:
ذكر "بروكوبيوس" أن الذى حكم حمير بعد مقتل ملكهم هو رجل اسمه esimiphaios = esimiphaeus اختاره النجاشى من نصارى حمير ليكون ملكًا على أن يدفع إلى الأحباش جزية سنوية فرضي بذلك وحكم، غير أن من تبقى من جنود الحبشة في أرض حمير ثاروا عليه وحصروه فى قلعة، وعينوا مكانه عبدًا نصرانيًّا اسمه "إبراهام" abraham كان مملوكًا في مدينة "أدولس" "عدول" adulis لتاجر يونانى، فغضب النجاشي وأرسل قوة قوامها ثلاثة آلاف رجل لتأديبه وتأديب من انضم إليه، فلما وصلت إلى اليمن، التحقت بالثوار، وقتلت قائدها وهو من ذوى قرابة النجاشى، فغضب hellestheaeus عندئذ غضبًا شديدًا، وسير إليه قوة جديدة لم تتمكن من الوقوف أمام أتباع abram فانهزمت ولم يفكر النجاشي بعد هذه الهزيمة في إرسال قوة أخرى.
فلما مات، صالح abraham خليفته على دفع جزية سنوية، على أن يعترف به نائبًا عن الملك على اليمن، فعين نائبًا عنه.
وذكر "بروكوبيوس" أيضًا أن القيصر "يوسطنيانوس" أرسل رسولًا عنه إلى النجاشي ela atzbeha hellestheaeus وإلى esimiphaeus اسمه "جوليانوس" julianus ليرجو منها إعلان الحرب على الفرس وقطع العلاقات التجارية معهم، لأنهما والقيصر على دين واحد، فعليهما مساعدة أبناء دينهم الروم والاشتراك معهم في قضيتهم، وهي قضية عامة مشتركة، على النصارى جميعًا الدفاع عنها وطلب من ملك حمير homeritae خاصة أن يوافق على تعيين "قيس" kaisos = caisus "phylarch" سيدًا على قبيلة معد maddeni، وأن يجهز جيشًا كبيرًا يشترك مع قبيلة معد في غزو أرض الفرس، وكان قيس كما يقول "بروكوبيوس" من أبناء سادات القبائل، وكان شجاعًا قديرًا وكفئًا جدًّا وحازمًا، قتل بعض ذوي قرابة esimiphaeus فانهزم إلى البادية هائمًا. وقد وعد الملك خيرًا، غير أنه لم ينجز وعده، وإذ كان من الصعب عليه اجتياز أرض واسعة بعيدة وطرق طويلة تمر بصحاري وقفار لمحاربة أناس أقدر من قومه في الحرب.
وقد وصل رسول "جستنيان" "يوسطنيان" justinian سنة "531م" إلى ميناء "أدولس" من البحر، ثم ذهب منه إلى "أكسوم" حيث وجد النجاشي ela atybeba واقفًا على عربة ذات أربع عجلات، وقد ربطت بها أربعة فيلة، وكان عاربيا إلا من مئزر كتان مربوط بذهب، وقد ربط على بطنه وذراعيه حليًا من ذهب، وبعد أداء هذا الرسول رسالته، ثار "إبرام" abram على esimiphios، وقضى على حكمه.
وقد رجع السفير فرحًا مستبشرًا بنجاح مهمته، معتمدًا على الوعود التي أخذها من الملكين. غير أنهما لم يفعلا شيئًا، ولم ينفذا شيئًا مما تعهدا به للسفير. فلم يغزوا الفرس، ولم يعين "السميفع أشوع" "قيسًا" "فيلارخًا" على قبيلة معد.
ولا يعقل بالطبع توسط القيصر في هذا الموضوع لو لم يكن الرجل من أسرة مهمة عريقة، له عند قومه مكانة ومنزلة، وعند القيصر أهمية وحظوة، ولشخصيته ولمكانة أسرته، أرسل رسوله إلى "السميفع" لإقناعه بالموافقة على إقامته رئيسًا على قومه. وبهذا يكتسب القيصر رئيسًا قويًّا وحليفًا شجاعًا يفيده في خططه السياسية الرامية إلى بسط سلطان الروم على العرب، ومكافحة الساسانيين.