واحد من الكتب التى تناولت الديانة البوذية الشرقية، المنتشرة فى جنوب شرق القارة الآسيوية، كان كتاب المؤلف داميان كيون بعنوان "البوذية: مقدمة قصيرة جدا"، وهو مقدمة تعريفية مختصرة فى التعريف بالديانة البوذية، حيث تناول المؤلف عناصر الموضوع تحت العناوين الآتية: البوذية والأفيال، بوذا، الكارما والميلاد المتكرر، الحقائق الأربع النبيلة، الماهايانا، انتشار البوذية، التأمل، الأخلاقيات، البوذية في الغرب، ثم أورد بعض الملاحق.
ظهرت البوذية في الهند منذ ما يزيد على ألفي سنة، ومنذ ذلك الحين لم تنتشر في آسيا فحسب، بل امتدت أيضا إلى مختلف أرجاء العالم.
وفي هذا الكتاب من سلسلة "مقدمة قصيرة جدا" الصادر عن مؤسسة هنداوى الثقافية عام 2016، يشرح المؤلف داميان كيون كيف بدأت البوذية، وكيف تطورت وصولا إلى شكلها الحالى، ويوضح التعاليم الأساسية للبوذية وممارساتها، بالإضافة إلى موضوعات رئيسية مثل الكارما والميلاد من جديد والتأمل والأخلاقيات، كما يسلط كيون الضوء على تطور البوذية فى آسيا والغرب، وأهمية الثقافة المادية، وأخلاقيات الحرب والسلام.
ويوضح الكتاب أن التأمل أو "سامادى" هو واحد من الفروع الثلاثة للطريق الثمانى، ومن ثم يحتل مكانة محورية فى الممارسة البوذية، أما المصطلح الأعم الذى يشير إلى التأمل فى البوذية، فهو "بهافانا" ويعنى "الغرس" أو حرفيا "تحقيق المرغوب" والمعنى الحرفى مناسب تماما، لأن التأمل هو الاستراتيجية البوذية الأساسية لجعل المرء قادرا على تحقيق ما يريده لنفسه.
ويشير المؤلف فى كتابه إلى أنه على الرغم من انتشار البوذية في آسيا، فإنها ظلت مجهولة على نحو شبه تام في الغرب حتى أوقات حديثة، لم تسفر البعثات الأولية التى أرسلها الإمبراطور أشوكا إلى الغرب عن نتائج، ولم يترك الزوار الغربيون الذين جاءوا إلى الهند القديمة سوى آثار ضئيلة فى التاريخ.
والهدف النهائى للبوذية بحسب المؤلف هو وضع نهاية للمعاناة والميلاد المتكرر، وقد قال بوذا: "في كل من الماضي والحاضر أطرح هذا فقط: المعاناة وإنهاء المعاناة" وعلى الرغم من أن هذا التصور سلبي، فإن الهدف له جانب إيجابي أيضا؛ لأن الطريقة التي يضع بها المرء نهايةً للمعاناة تتمثل في إطلاق قدرة البشر على تحقيق الخير والسعادة؛ فالشخص الذي يحقق حالةً كاملةً من تحقيق الذات يقال عنه إنه اكتسب النيرفانا، والنيرفانا هي "الخير الأسمى" بالنسبة إلى البوذية؛ فهي الخير النهائي والأعلى، إنها مفهوم وتجربة في آن واحد؛ فالنيرفانا باعتبارها مفهوما تقدم رؤية خاصة لتحقيق الإنسان ذاته وتعطي إطارا وشكلًا للحياة المثالية، أما النيرفانا باعتبارها تجربة فهي تتجسد مع مرور الوقت في الشخص الذي يسعى إليها.