"لم يكن لدى ناشر أول الأمر، فكان علي أن أمول مؤلفاتى بنفسى، وكنت ما أن أستعيد جزءاً من التكاليف، بعد بيع كتاب، حتى أدفع الثاني إلى المطبعة وأرى إن الإخلاص خصلة مهمة في نظري"، هكذا قال الشاعر اليونانى يانيس ريتسوس، إذا ولد فى مثل هذا اليوم 1 مايو من عام 1909م، فى قرية مونيمفاسيا، جنوب شرق مقاطعة البيلوبونيز، اليونان، والذى مر بظروف صعبة خلال فترة حياته.
كانت أزمة الأساسية هي الفقر مثله مثل حال العديد من الشعراء والدباء، فبسبب قلة موارده مما أجبره على أن يقطع دروسه والعمل في مهن صغير، أضطر للعمل فى العديد من المهن، فعمل ككاتب فى نقابة المحامين، وراقص فى إحدى الفرق الفنية، وكومبارس فى التمثيل، ومصحح لأحد الناشرين، وبعد مشوار كبير من العمل فى مهن غير مستقرة حصل على وظيفة فى المصرف الوطنى، ولكن الحظ لم يكن معه، إذ أصيب بمرض السل فى عام 1926، ليعود إلى قريته مرة أخرى، يكتب فيها ديوانه "منزلنا القديم".
ومن أزماته أيضًا هو تعرضه لحالة نفسية سيئة بعد بعد رحيل أكبر أشقائه بسبب إصابته بالسل، عن 1921 م.، ولحقت به والدته بعد ثلاثة أشهر بنفس المرض، الذى أصاب كل القرية التى يعيش فيها آنذاك، وجن جنون والده وفقد أمواله بسبب القمار بعد أن كان رجلاً ثريًا ينتمي إلى عائلة نبيلة تملك أراض عدة.
من أبرز قصائده "أبيتافيوس" عرفت النور إثر مقتل 30 عامل تبغ وجرح ما يقارب 300 منهم إثر تظاهرة فى 1934 فتحت فيها الشرطة اليونانية النارعليهم، وتخلد قصيدة "أبيتافيوس" ذكرى تلك الأحداث الدامية فهى قصيدة جنائزية تتكون من 20 نشيداً أو ترنيمة مشدودة إلى الذاكرة الجمعية بوشائجها الشعورية بالغناء العامى والأسطورة الوثنية والطقس الأرثوذكسى.
كان يرى يانيس ريتسوس أن الإخلاص من الأمور المهمة في حياة البشر حيث قال "إن الإخلاص خصلة مهمة في نظري"، وبالفعل كان يطبق هذا في حياته، فعلى سبيل المثال لم يتخلى عن اول دار نشر تعاقدت معه رغم ظروفه العددية كما قال لم يتركها.
رفض أن يأخذ معونات من الكتاب خلال مرحلة تدهور المرض لديه، حيث تدهورت حالته الصحية خلال سنوات الحرب العالمية الثانية لدرجة أن أحد الصحفيين كتب عن حالته المتدهورة من المرض والفقر، حتى ينبه المثقفين بحالته ويتم جمع التبرعات له، ولكنه أوصى بأن تذهب لكل الكتاب والشعراء المحتاجين، ورحل يرحل عن عالمنا فى 11 نوفمبر 1990.