ذكر اسم النبى الجليل اليسع في القرآن الكريم في أكثر من موضع، لكن الذكر الحكيم أوجز عن حياته فلم يذكر عنها شيئاً، وإنما اكتفى بذكره في مجموعة الرسل الكرام الذي يجب الإيمان بهم إجمالا وتفصيلاً، ورسم الاسم في المصحف بلام واحدة، ولكن قرئ بوجهين: بتشديد اللام المفتوحة وإسكان الياء (اللَّيسْع) وبتخفيف اللام وفتح الياء الْيَسَع.
وتبقى سيرة اليسع وهويته مجهولة في التاريخ، ولم يصل العلماء أو المؤرخون لحقيقة واحدة توضح سيرة اليسع الذى ذكره الله تعالى، وذكر في الأحاديث النبوية الشريفة.
وجاء في "البداية والنهاية" لابن كثير: قال إسحاق بن بشر أبو حذيفة، أنبأنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن قال: كان بعد إلياس اليسع عليهما السلام، فمكث ما شاء الله أن يمكث، يدعوهم إلى الله مستمسكا بمنهاج إلياس وشريعته حتى قبضه الله عز وجل إليه، وقل محمد بن إسحاق: هو اليسع بن أخطوب. وقال الحافظ أبو القاسم ابن عساكر في حرف الياء من تاريخه: اليسع وهو الأسباط بن عدي بن شوتلم بن أفراثيم بن يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل. ويقال: هو ابن عم إلياس النبي عليهما السلام، ويقال: كان مستخفيا معه بجبل قاسيون من ملك بعلبك، ثم ذهب معه إليها، فلما رفع إلياس، خلفه اليسع في قومه، ونبأه الله بعد، وذكر الحافظ ابن عساكر أن نسبه يصل إلى أفرائيم بن يوسف الصديق وهو من أنبياء بني إسرائيل.
وبحسب بعض الروايات فإن هذا النبي الكريم اليسع كان قد بُعث قبلَ عيسى، وقيل وقد بُعث بعد ابن عمه إلياس -عليه السلام- في بعلبك، وقال ابن تيمية في "الجواب الصحيح": "إن من المعجزات التي أيد الله بها اليسع : أنه أحيا الموتى، وأبرأ الأكمه والأبرص، واستيبس له نهر الأردن فمشى ، كما وردت به الكتب الإسرائيلية، والله أعلم بصحة ذلك".
البعض يعتقد أنّ (اليسع) هو (يوشع بن نون) أحد أنبياء بنى إسرائيل المعروفين، وقد دخلت الألف واللام على اسمه كما أُبدلت الشين بالسين، ودخلت الألف واللام على الاسم غير العربى (وهذا اسم عبرى) أمر غير جديد، فمثلها مثل (إسكندر) التى تلفظ وتكتب بالعربية (الإسكندر) إذ هو نوع من التقريب.
أما اليسع أو اليشع وهو اسم عبراني معناه "الله خلاص"، ظهر في التوراة على أنه خليفة إيليا في العمل النبوي في المملكة الشمالية. وكان أليشع ابن شافاط (سفر الملوك الأول 19: 19) ومن سبط يساكر. وقد أقام في آبل محولة في وادي الأردن.